للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة: إعراب قوله تعالى {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}

• أصل الخلاف في المسألة:

اختُلف في الجملة من قوله تعالى: {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}، هل هي حاليَّة أو مستأنفة، فإن كانت حالية فما نوعها؛ هل هي حال مؤكِّدة أو مبيِّنة.

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "والجملة من قوله {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} حال، وهي حالٌ مؤكِّدة رافعة للمجاز في قوله {رَأَيْتُمُوهُ}، أو للاشتراك، لأن الرؤية كما قدمناه إما بصرية أو علمية.

والمعنى: وأنتم تنظرون وقوعه في إخوانكم الذين استشهدوا أو شارفهم القتل، فيكون متعلَّق الرؤية ومتعلَّق النظر واحدًا، وهو الظاهر، وبه قال الأخفش، وعنه أيضًا وعن الزجاج أن المعنى: وأنتم بصراء ليس بأعينكم علة مانعة من ذلك.

وقيل: المعنى: تنظرون نظر تأمُّلٍ بعد رؤيتكم ذلك.

وقيل: تنظرون إلى ما فُعل بمحمد صلى الله عليه وسلم، مِنْ شجِّ وجهه وكسر رباعيته، وإلى ما حلَّ بأصحابه.

وقيل: تنظرون في أسباب نجاتكم وفراركم، وفي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ هل قُتل أم لا.

وقيل: تنظرون فيما صدر منكم؛ هل حصل به وفاء أم مخالفة.

وقيل: تنظرون ما تمنيتم؛ أي: الموت.

وعلى هذا فالجملة مستأنفة سيقت للإخبار بذلك، وليست حالية، فكأنه قيل: وأنتم حسباء أنفسكم فتأملوا قبح فعلكم، فصيغتها خبر، ومعناها عتب توبيخ.

وقال أبو بكر الأنباري: يقال إن معنى {رَأَيْتُمُوهُ} قابلتموه {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} بعيونكم، ولهذه العلة ذكر النظر بعد الرؤية حين اختلف معناهما، لأن الأول بمعنى المقابلة والمواجهة، والثاني بمعنى رؤية العين، فعلى ما ذكره تكون الجملة في موضع الحال، لكنها حال

<<  <   >  >>