للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الرابعة: المراد من عموم ذكر الله على كل أحوال الإنسان]

• أصل الخلاف في المسألة:

عاد السمين الحلبي إلى القول الذي رجَّحه بأن المراد بالذكر في الآية الذكر باللسان على كل أحوال الإنسان، وذكر مسألة متفرعة عن هذا القول تتعلق بمكانة الذكر، فهل يستفاد من عموم ذكر الله على كل أحوال الإنسان مشروعية الذكر في الخلاء وعند قضاء الحاجة استزادةً من الذكر لأجل فضله وعظيم أجره، أو أنه ينهى عن ذلك تنزيهًا للذكر وتشريفًا لمحلِّه.

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "واختلف الناس في هذه الآية أيضًا بالنسبة إلى العموم في الأحوال والأمكنة، والمشهور أن ذلك مخصوص عند القاضي حاجته، لا سيما في الكنف المُعدَّة لذلك، ومذهب الشافعي أن ذكر الله في ذلك المكان وفي هذه الحالة حرام.

وإذا كان يحرم عليه الدخول بشيءٍ فيه ذكر الله تعالى أو ذكر رسوله فالنطق به أولى بالحُرمة، …

وممن أخذ بظاهر الآية وعمومها عبد الله بن عمرو وإبراهيم النخعي ومحمد بن سيرين؛ يجوز أن يذكر الله حتى في هذه الحالة وهذا المكان.

وكره ذلك ابن عباس والشعبي وعطاء. كراهةُ ذلك يجوز أن تكون كراهة تنزيه كما هو الظاهر، وأن تكون كراهة تحريم، وهو الأليق بحالهم" (١).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يظهر أن السمين الحلبي يرجِّح القول بأن العموم في ذكر الله على كل الأحوال الوارد في الآية ليس على إطلاقه في كل موطن، بل هو مخصوص ومقيَّد، فلا يجوز ذكر الله في حالة قضاء الحاجة وفي مكان قضاء الحاجة، ويظهر هذا الترجيح من أربعة وجوه:

الأول: أنه قدَّم القول بالتخصيص، ووصفه بأنه المشهور كأنه يقتصر عليه في المسألة.

الثاني: أنه استدل له بالقياس، وجعله من باب أولى وأحرى وذلك في قوله: (فالنطق به


(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٣٨١ - ٣٨٣).

<<  <   >  >>