للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اثنين وعشرين، ويوم بدرٍ سبعين، والسبعون ليست بمِثلَين للاثنين والعشرين، فلو قيل إنهم قتلوا يوم أُحدٍ خمسةً وثلاثين صحَّ قوله الذي ذكرناه. فإن قيل: يجوز أن يراد بقوله {مِّثْلَيْهَا} أي: مِثلَين زائدين على ذلك الشيء، وذلك الشيء اثنان وعشرون، ومِثلاه أربعةٌ وأربعون؛ ينضم إلى اثنين وعشرين فيصير قريبًا من السبعين. قيل: هذا وإن كان قد يُراد إلا أنه ليس على حقيقته، لأن السبعين زائدةٌ على ما ذَكرتَ بأربعة أفراد.

وذهب آخرون إلى أن المثلية بالنسبة للانهزام، وذلك أن المسلمين هزموا المشركين يوم بدرٍ مرة، ويوم أُحدٍ أولَ الحرب مرةً أخرى، فظنوا أن الظَّفَر لهم، فتركوا المركز واشتغلوا بالنهب (١)، فهزمهم المشركون لولا رحمة الله، فقد أصاب المسلمون مِثلَي ما أصاب منهم المشركون من الهزيمة.

والظاهر الأول، وهو الذي عليه المفسرون، وبه تظهر المنَّة وتمام النعمة، حيث أُصيب من المسلمين سبعون، وأصيب من الكفار مئة وأربعون، وفي ذلك تسلية لهم عما أصابهم" (٢).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي أن المماثلة في قوله {قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا} هي المماثلة في العدد، وهو أنهم اصابوا يوم بدرٍ مِثلَي ما أُصيبوا به يوم أُحد، ويظهر هذا الترجيح من وجهين:

الأول: لفظ الترجيح، وذلك في قوله: (والظاهر الأول)، والظاهر عنده هو المقدَّم.

الثاني: أنه خصَّ هذا القول ببيان مزيَّته، ولم يفعل ذلك مع غيره، وذلك في قوله: (وبه تظهر المنَّة وتمام النعمة)، فدل على أنه يفضله على غيره من الأقوال.

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

جُلُّ أهل العلم في هذه المسألة على القول الأول، وهو أن المِثلَين كانا في غزوة بدر، وذلك


(١) "النهب: الغنيمة"؛ ينظر (مادة: نهب) في العين للخليل بن أحمد (٤/ ٥٩)، وتهذيب اللغة للأزهري (٦/ ١٧٣).
(٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١٧١ - ١٧٢).

<<  <   >  >>