للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَصَابَكُمْ} هو تعليل لقوله: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ}، فبعضهم يجري في تفسير الآية على أن الحكمة من الإثابة بالغم هي نفي الحزن عنهم (١)، وعلى هذا جرت الروايات عن مجاهد (٢)، وقتادة (٣)، والسدي والربيع بن أنس (٤)، وبعضهم يصرِّح بأن لام التعليل متعلقة بقوله: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} (٥).

وقد نقل بعضهم القول بأن (لا) زائدة، ومنهم أبو البقاء العكبري (٦) كما ذكر ذلك السمين الحلبي، لكن لم يرجح هذا القول منهم إلا القليل (٧)، ويظهر أن أول من قال بأنها زائدة هو المفضل بن سلمة (٨)، كما حُكي عنه (٩).

أما إرجاع لام التعليل إلى قوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ}، فقد ذكر الواحدي أنه قد قال به بعض النحويين (١٠)، واستحسنه القرطبي (١١).

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

يمكن الاستدلال للقول بأن لام التعليل متعلقة بقوله {فَأَثَابَكُمْ} بدليلين:


(١) ينظر في تفسير الطبري (٦/ ١٥٧)، وإعراب القرآن للنحاس (١/ ١٨٤)، والكشاف للزمخشري (١/ ٤٢٧)، وزاد المعاد لابن القيم (٣/ ٢٠٣)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٠٥)، وتفسير السعدي (ص: ١٥٢).
(٢) رواها الطبري في تفسيره (٦/ ١٥٦).
(٣) رواها عبد الرزاق في تفسيره (١/ ٤١٩)، وعنه الطبري في تفسيره (٦/ ١٥١) وابن المنذر في تفسيره (٢/ ٤٥٢).
(٤) روى عنهما الطبري في تفسيره (٦/ ١٥٢).
(٥) ينظر في المحرر الوجيز ابن عطية (١/ ٥٢٧)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٣٨٨)، والبحر المديد لابن عجيبة (١/ ٤٢١)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٣/ ١٣٢)، والمجتبى للدكتور أحمد الخراط (١/ ١٤٧).
(٦) ينظر في التبيان في إعراب القرآن (١/ ٣٠٢).
(٧) كما في إعراب القرآن وبيانه لمحيي الدين درويش (٢/ ٧٤)، وإعراب القرآن لأحمد الدعاس وآخرين (١/ ١٦٦).
(٨) أبو طالب المفضل بن سلمة بن عاصم الضبي، اللغوي المعروف وهو كوفي المذهب، لقي ابن الأعرابي وغيره، وصنَّف التصانيف المشهورة، منها (البارع) في علم اللغة، و (الفاخر) في الأمثال، وقد طُبع، و (ضياء القلوب) في معاني القرآن، توفي بعد (٢٩٠)؛ ينظر في الفهرست لابن النديم (ص: ٩٩)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٤/ ٢٠٥).
(٩) حكاه عنه الثعلبي في تفسيره (٩/ ٣٣٩)، وذكره الواحدي أيضًا في التفسير البسيط (٦/ ٨٧).
(١٠) كما في التفسير البسيط للواحدي (٦/ ٨٥)، ورجَّح فيه القول الآخر، ثم في الوجيز (ص: ٢٣٨) اقتصر على قولهم.
(١١) ينظر في تفسير القرطبي (٤/ ٢٤١).

<<  <   >  >>