للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: الحكم المستنبط من قول الله تعالى: {وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}

• أصل الخلاف في المسألة:

هذه مسألة فقهية متفرعة عن القول السابق بأن المراد بالذكر في الآية الصلاة، وهل يُعتدُّ بهذا القول أو لا، فما تكون حال الرجل إذا لم يستطع الصلاة قائمًا ولا قاعدًا؟ وسبب الخلاف تعدد الأحاديث في ذلك، وتعدد الروايات في الحديث الواحد.

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله بعد الفراغ من المسألة السابقة في المراد بالذكر في الآية: "وإذا قلنا إنها الصلاة ففيها دليلٌ ظاهرٌ للشافعي رحمه الله، حيث قال في العاجز عن القعود أنه يضطجع على جنبه الأيمن، كالميت في لحده، فيُفضي بوجهه إلى القبلة ويُومئ برأسه.

وعند أبي حنيفة: يستلقي على قفاه، وهو محجوج بالآية.

ويدل للشافعي أيضًا حديثُ عمران بن حصين حيث قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبك؛ تُومئ إيماءً» (١) " (٢).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

سبق أن السمين الحلبي لم يرجِّح أن المراد بالذكر في الآية الصلاة، لكنه لا يبطل هذا القول، ولم يتكلم هنا في ترجيح أصل القول، وإنما تكلَّم في مسألة تتفرع عنه ورجَّح فيها، فهو يرجِّح أن الذي لا يستطيع الصلاة قائمًا ولا قاعدًا أنه يصلي على جنبه، ويظهر هذا الترجيح من ثلاثة وجوه:

الأول: أنه استدل لهذا القول بالآية والحديث ولم يستدل للقول الآخر.

الثاني: أنه تعقَّب القول الآخر بأن الحجة عليه بالآية، فهو يبطل هذا القول ولا يعتدُّ به، ويرجِّح القول الأول في المسألة.


(١) رواه البخاري في صحيحه (٢/ ٤٨/ ١١١٧).
(٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٣٨٠ - ٣٨١).

<<  <   >  >>