للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أنه صرَّح بما يرجِّح هذا القول، وذلك في قوله: (ويرجِّح هذا عطفُ صريح المصدر عليه)، ولم يذكر ما يرجِّح القول الآخر، فدل على أنه يرجِّح القول الأول.

الثاني: أن القول الأول هو الموافق لقاعدةٍ من قواعد الترجيح عنده، وهي: (إذا أمكن بقاء الشيء على موضوعه فهو أولى)، وذلك بإبقاء المصدر في الآية على حاله كما عبَّر بذلك هنا، لا في استعماله بمعنى اسم المفعول.

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

لم أقف على من تعرَّض لهذه المسألة في هذه الآية إلا قليل (١)، ومن أهل العلم من تعرَّض لها عند الآية المماثلة لها في مطلعها من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} الآية إلى قوله: {لَأيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: ١٦٤]، والقول في مطلع الآيتين واحد.

فمن المفسرين والمعربين من رجَّح هنالك بأن لفظ (الخلق) مصدر باقٍ على حاله (٢)، وقليلٌ من رجَّح أنه بمعنى المفعول (٣).

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

يستدل للقول بأن الخلق في الآية مصدر بدليلين:

الأول: أن هذا هو ظاهر اللفظ من غير تجوُّز في معناه، فإن الأصل في لفظ (الخلق) والمعهود في مثل وزنه أن يكون مصدرًا يدل على الحدث.

الثاني: السياق، وذلك فيما ذكره السمين الحلبي، من عطف المصدر عليه في قوله: {وَاخْتِلَافِ}، فالملائم مع ذكر المصدر الصريح بعده أن يكون ما قبله مصدرًا أيضًا،


(١) ينظر في تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه للشيخ محمد علي طه الدرة (٢/ ٣٤٣)، و وينظر أيضًا في حاشية القونوي على تفسير البيضاوي (٦/ ٤٤٥)، وكأنه يرجِّح القول الثاني.
(٢) ينظر في الكتاب الفريد للمنتجب الهمذاني (١/ ٤٢٢)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٢/ ٧٧).
(٣) ينظر في اللباب في علوم الكتاب لابن عادل (٣/ ١١٧).

<<  <   >  >>