للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للتعجب.

ثم إن تقديره ذلك (فبأي رحمةٍ) دليلٌ على أنه جعل (ما) مضافةً للرحمة، وما ذهب إليه خطأ من وجهين:

أحدهما: أنه لا تُضاف (ما) الاستفهامية ولا أسماء الاستفهام غير (أي) بلا خلاف، و (كم) على مذهب أبي إسحاق.

والثاني: أنه إذا لم تصح الإضافة كان إعرابه بدلًا، وإذا كان بدلًا من اسم الاستفهام فلا بد من إعادة همزة الاستفهام في البدل.

وهذا الرجل لَحَظ المعنى ولم يلتفت إلى ما تقرر في علم النحو من أحكام اللفظ، وكان يغنيه عن هذا الارتباك والتسلق إلى ما لا يحسنه والتسوُّر عليه قولُ الزجاج في (ما) هذه أنها صلةٌ في معنى التوكيد بإجماع النحويين» (١) انتهى، وهو بحث حسن.

فإن قيل له أن ينفصل عن الإضافة والبدل بأن يقول: أجعلُ (رحمة) صفةً لـ (ما) الاستفهامية لا مضافًا إليها ولا بدلًا حتى يلزمني ما ذكرت، فالجواب أن أسماء الاستفهام لا تُوصف، فبطَلَ هذا أيضًا" (٢).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي القول الأول بأن (ما) زائدة للتأكيد، ويظهر هذا من وجهين:

الأول: أنه قدَّم هذا القول سابقًا قبل ذكر الخلاف، وقد أشار إلى ذلك بقوله (كما قدمناه في عبارة الزمخشري وغيره)، فدل على اختياره لهذا القول الذي قدَّمه (٣).

الثاني: أنه ذكر بحث شيخه أبي حيان وفيه الإشادة بهذا القول والانتصار له، ثم قال: (وهو بحث حسن)، فدل على تحسينه له.


(١) البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ١٦٨).
(٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١٢٤ - ١٢٧).
(٣) وينظر ما قدَّمه في المصدر السابق (ص: ١١١).

<<  <   >  >>