للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة: معنى المرابطة في قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: ٢٠٠]

• أصل الخلاف في المسألة:

قال التابعي الجليل أبو سلمة بن عبد الرحمن: هل تدرون في أي شيء أُنزلت هذه الآية: {اصْبِرُواْ وَصَابِرُوا وَرَابِطُواْ}؟ إنه لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوٌ يُرابط فيه، ولكنه انتظار الصلاة خلف الصلاة (١).

والخلاف في المسألة من هذا الوجه، فإن كان المراد بالمرابطة في الآية ملازمة الثغور، فكيف يجاب عن الإشكال الذي ذكره أبو سلمة.

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: " {وَرَابِطُواْ}: وأقيموا في الثغور رابطين خيلكم فيها، مترصدين مستعدين للغزو، ودليله قوله تعالى: {وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠]، وفي الحديث: (مَنْ رابطَ يومًا وليلة في سبيل الله كان كعدل صيام شهرٍ وقيامه، لا يفطر فيه، ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجته) (٢)، وروى البخاري: (رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما فيها) (٣)، وروى مسلم: (رباط يوم وليلة خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقه، وأمِن الفتَّان) (٤) … والمرابطة أصلها ما ذكرناه من رباط الخيل، ثم غلب على كل من أقام بارزًا لعدوٍّ في ثغرٍ من الثغور ناويًا بذلك منعهم عن المسلمين ومقاتلتهم وإن لم يربط فرسًا يومًا من الدهر …


(١) رواه ابن المبارك في الزهد (١/ ١٣٧) وسيأتي تخريجه مفصلًا.
(٢) رواه النسائي في سننه (٦/ ٣٩/ ٣١٦٧) من حديث سلمان الفارسي، وصححه الحاكم (٢/ ٩٠/ ٢٤٢٢) ووافقه الذهبي.
(٣) رواه البخاري في صحيحه (٤/ ٣٥/ ٢٨٩٢) من حديث سهل بن سعد.
(٤) رواه مسلم في صحيحه (٣/ ١٥٢٠/ ١٩١٣) من حديث سلمان الفارسي.

<<  <   >  >>