للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

رجَّح كثيرٌ من أهل العلم أن الفعل في الآية يدل على الطلب (١)، ومن أهل العلم من رجَّح أن {اسْتَزَلَّهُمُ} بمعنى (أزلَّهم)، وهم قليل (٢)، فجمهور المفسرين على القول الأول كما أشارت إليه عبارة السمين الحلبي هنا.

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

يُستدل للقول بأن {اسْتَزَلَّهُمُ} تدل على الطلب أن هذا هو الظاهر المتبادر للذهن، لأن الأصل في صيغة (استفعل) أن تكون دالة على الطلب، وما خرج عن هذا فهو خلاف الأصل (٣).

وقد ذكر السمين الحلبي هنا أن السياق والقرائن تدل على هذا القول، ولم يتبين لي وجه ذلك، لكن قد ذكر ابن عطية أن معنى الطلب في {اسْتَزَلَّهُمُ} هو مقتضى وسوسة الشيطان وتخويفه (٤)؛ أي إن فعل الشيطان لا يعدو أن يكون طلبًا واستدعاء، ثم استجابوا لطلبه ودعوته فزلوا.

[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]

دليل القول بأن {اسْتَزَلَّهُمُ} بمعنى (أزلَّهم) هو أن المقصود من الآية العتاب واللوم على أمرٍ وقعوا فيه، فلا بد أن يُحمل الفعل في قوله {اسْتَزَلَّهُمُ} على ما يدل على وقوعه، فيكون بمعنى (أزلَّهم) (٥).


(١) ينظر في غريب القرآن لابن قتيبة (ص: ١٠١)، وتفسير الطبري (٦/ ١٧١)، ومعاني القرآن للنحاس (١/ ٥٠٠)، والكشاف للزمخشري (١/ ٤٣٠)، والمحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٣٠)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣١١)، وفتح البيان لصديق حسن خان (٢/ ٣٦٠)، وإعراب القرآن وبيانه لمحيي الدين درويش (٢/ ٨١).
(٢) ينظر في الحجة لأبي علي الفارسي (٢/ ١٨)، (٣/ ٣٢٥)، والتفسير البسيط للواحدي (٦/ ١٠١)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٣٩٨)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ١٤٠)، وتفسير الجلالين (ص: ٨٨).
(٣) ينظر في شرح كتاب سيبويه للسيرافي (٤/ ٤٤٩).
(٤) ينظر في المحرر الوجيز (١/ ٥٣٠).
(٥) ينظر في البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٣٩٨)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ١٤٠).

<<  <   >  >>