للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَوْمَ الْقِيَامَةِ}) (١)، وبما روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: (ما من أحد يغل غلولًا إلا كُلِّف أن يأتي به من أسفل درك جهنم) (٢).

[٦) الموازنة بين الأدلة]

من قواعد الترجيح في التفسير أنه "إذا ثبت الحديث، وكان في معنى أحد الأقوال، فهو مُرجِّحٌ له على ما خالفه" (٣)، وهذه القاعدة تؤيد القول الأول، فإن الأحاديث جاءت بمعناه، وهي أحاديث كثيرة ذكرها ابن كثيرٍ في تفسيره (٤)، ويكفي منها ما ذكره السمين الحلبي هنا.

ومما يقوي جانب الأحاديث هنا أن الآية خبرٌ عن غيب، و"لا يصح حمل الآية على تفسيراتٍ وتفصيلات لأمور مُغيَّبة لا دليل عليها من القرآن أو السنة" (٥)، فالأحاديث المذكورة أشبه بأن تكون نصًّا في المسألة هنا، و"إذا ثبت الحديث وكان نصًّا في تفسير الآية فلا يُصار إلى غيره" (٦).

لكن القول الرابع قد يزاحم القول الأول في هذا الأمر، لأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء في آخره ذكر الآية صراحةً، بخلاف القول الأول، فإن الأحاديث فيه لم تربطه بالآية ربطًا صريحًا، وأيضًا فقد روي في القول الرابع الأثرُ عن عبد الله بن عمرو، وهو خبرٌ عن غيب، فله حُكم الرفع، والجواب عن هذا من جهتين:

الأولى: جهة الرواية، فالأحاديث التي تؤيد القول الأول أصحُّ وأشهر وأكثر، وبعضها في الصحيحين كما ذكر السمين الحلبي، والحديث الذي ذُكرت فيه الآية فيه ضعف (٧).

الثانية: جهة الدراية، وهو أن الحديث المذكور وكذلك الأثر عن عبد الله بن عمرو إن صحَّا فإنهما لا يعارضان القول الأول، بل يمكن أن يكونا تابعين له، فيكون الغال يأتي بعين الشيء


(١) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٠٤) والبيهقي في شعب الإيمان (٦/ ١٧٦)، ومداره على محمد بن أبان كما ذكر الطبراني في المعجم الأوسط (٥/ ٣٣٠)، وهو ضعيف كما في مجمع الزوائد للهيثمي (١٠/ ٣٨٩).
(٢) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٠٥).
(٣) ينظر في قواعد الترجيح للدكتور حسين بن علي الحربي (١/ ٢٠٦ - ٢٠٩).
(٤) ينظر في تفسير ابن كثير (٢/ ١٥١ - ١٥٧).
(٥) ينظر في قواعد الترجيح للدكتور حسين بن علي الحربي (١/ ٢٢٥ - ٢٣٥).
(٦) ينظر في قواعد الترجيح للدكتور حسين بن علي الحربي (١/ ١٩١ - ٢٠٠).
(٧) تقدَّم تخريجه والكلام عليه في فقرة (أدلة القول الرابع في المسألة).

<<  <   >  >>