ولعل من ذكر القول الثاني يشير إلى كيفية الاستجابة للأمر الذي في الآية، فإنها كانت بتوحيد الله وإخلاص العمل له، ونُصرة رسوله والنصيحة له، وأما الأمر الذي استجيب له فظاهرٌ أنه الأمر بالخروج لقتال المشركين بعد غزوة أُحد كما دل عليه سبب النزول.
ولا يقال هنا إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لأن اللفظ هنا ليس بعام، بل هو خاص في الذين أصابهم القرح، فهي استجابة لأمرٍ مخصوص بيَّنه سبب النزول.
[٥) النتيجة]
الراجح القول الأول، وهو أن الاستجابة في الآية كانت لأمرٍ واحد هو الأمر بالخروج لقتال المشركين بعد غزوة أُحد، وهذا الأمر كان من الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولا يقال في هذا أن فيه إهمالًا لأمر الله المذكور في الآية، بل إن من أعظم فوائد هذه الآية أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم هو من أمر الله (١)، وهي مثل قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال: ٢٤]، فالداعي هنا واحد، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت الاستجابة له استجابةً لأمر الله جل وعلا.
(١) ينظر في تفسير العثيمين لسورة آل عمران (٢/ ٤٤٨).