للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

صرَّح الماوردي في تفسيره أن الجمع بين الفظاظة والغلظة لأجل التأكيد، وأنهما بمعنى واحد (١)، وتبعه على هذا بعض أهل العلم (٢).

وقد أشار ابن الجوزي إلى معنى التوكيد الذي ذكره الماوردي، ثم ذكر قول ابن عباس في التفريق بين الفظاظة والغلظة تنويهًا بأنهما ليسا في معنى واحد، وأن الجمع بينهما ليس من قبيل التوكيد؛ قال رحمه الله: "فأما الغليظ القلب، فقيل: هو القاسي القلب، فيكون ذكر الفظاظة والغِلَظ -وإن كانا بمعنى واحد- توكيدًا. وقال ابن عباس: (الفظ) في القول، و (الغليظ القلب) في الفعل" (٣).

وقد ذُكر قول ابن عباس هذا عن الكلبي (٤)، وجرى عليه بعض المفسرين (٥).

وقد صرَّح آخرون بوجود فرقٍ بين اللفظين، وذكروا ذلك (٦).

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

يُستدل على الفرق بين الفظاظة والغلظة أن الأصل في اللغة هو التباين وليس الترادف، وأن التباين بين الألفاظ أكثر في اللغة وأشهر (٧).

[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]

يمكن أن يستدل للترادف بين الفظاظة والغلظة، أنه إذا قيل (رجلٌ فظ) عُلِم أنه غليظ القلب، وهو الواقع في الآية، فإن الفظاظة ذُكرت أولًا، فيكون الجمع بينها وبين الغلظة لأجل التأكيد.

ويمكن أن يُستدل من الآية أيضًا أن الفظاظة والغلظة ذُكرا في مقابل شيءٍ واحد، وهو


(١) ينظر في تفسير الماوردي (١/ ٤٣٣).
(٢) فنقل العز بن عبد السلام في تفسيره (١/ ٢٩٠) معنى قوله، ووافقه صديق حسن خان في فتح البيان (٢/ ٣٦٣).
(٣) ينظر في زاد المسير لابن الجوزي (١/ ٣٣٩ – ٣٤٠).
(٤) ينظر في تفسير الثعلبي (٩/ ٣٥٥)، وتفسير البغوي (١/ ٥٢٦).
(٥) حيث جرى عليه الواحدي في التفسير الوجيز (ص: ٢٤٠)، واختار أوَّله ابن كثير في تفسيره (٢/ ١٤٨).
(٦) ينظر في تفسير الرازي (٩/ ٤٠٧)، والكوثر الجاري للكوراني (٦/ ٤٤٩)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٤٠٨).
(٧) ينظر في روضة المحبين لابن القيم (ص: ٥٤).

<<  <   >  >>