للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أم مخالفة، أو يكون المعنى أنهم ينظرون أسباب نجاتهم وفرارهم، وأشار إلى القول بأنهم ينظرون إلى محمد صلى الله عليه وسلم واستبعده (١).

وأما في نوع الحال؛ هل هي حال مبيِّنة أو مؤكِّدة، فإن كثيرًا من أهل العلم جعلوا الجملة من قبيل التأكيد (٢)، وأما القول بأن الحال للتبيين فهو فيما ذكره أبو بكر الأنباري، ولم يتيسر لي الوقوف عليه، ولم أرَ من أهل العلم من وافقه في قوله.

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

استدل السمين الحلبي في قوله بأن الجملة حالٌ مؤكدة بأن هذا هو الظاهر المتبادر إلى الذهن، فيكون معنى النظر هو الإبصار، ويكون متعلقًا بالأمر المحدَّث عنه في السياق وهو الموت لا بشيء آخر.

ومما يشهد بحسن هذا القول أنه به يكون متعلَّق الرؤية ومتعلَّق النظر واحدًا، فتتوحد المتعلقات وتتفق دلالتها على شيء واحد، وهذا أحسن من تفريقها.

[٣) أدلة القول الثاني والثالث في المسألة]

القول بأن الجملة حالٌ مبيِّنة أو أنها مستأنفة يشهد له من حيث الإجمال قاعدة (التأسيس أولى من التأكيد)، فيحمل الكلام في الجملة على التأسيس؛ إما على ما ذكره أبو بكر الأنباري من جعل الرؤية بمعنى الملاقاة، وإما بأن يكون للنظر معنًى آخر غير الإبصار، أو بتخصيص متعلَّق النظر بشيء آخر غير الموت.

ولم أقف على ما يشهد لأحد الأقوال المذكورة بالتحديد.

[٤) الموازنة بين الأدلة]

أما القول بأن الجملة مستأنفة فإنه يحتاج إلى صرف متعلَّق النظر إلى أمرٍ غير الذي ذُكر في السياق وهو الموت أو أسبابه، ولم أقف على دليل يُوجب ذلك، أو أنه يحتاج إلى صرف معنى النظر عما وُضع له في الأصل وهو الإبصار، فيكون النظر بمعنى التأمل أو نحوه، وإبقاء الشيء على موضوعه الأصلي أولى.

وأما ما ذكره أبو بكر الأنباري من أن الرؤية تكون بمعنى الملاقاة فلا يظهر في اللغة أن


(١) ينظر في المحرر الوجيز (١/ ٥١٦).
(٢) ينظر في معاني القرآن للأخفش (١/ ٢٣٣ - ٢٣٤)، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج (١/ ٤٧٣)، البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٣٦٢)، وتفسير الثعالبي (٢/ ١١٦)، ونظم الدرر للبقاعي (٥/ ٨٢).

<<  <   >  >>