للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أهل العلم من صرَّح بأن الجملة صفة ولم يتعرَّض للإشكالات المذكورة (١).

والذي ذكر هذه المسألة في الأصل وأظهر الإشكالات فيها هو أبو حيان (٢)، ثم تبعه السمين الحلبي في تقريره وأعاد صياغة المسألة وزاد عليه ورجَّح جوابه عن الإشكالات، وتبعهم على ذلك الآلوسي وغيره (٣)، واقتصر أبو السعود على القول بأن الجملة صفة لـ {أمَنَة} وذكر الإشكالات على هذا القول، ولم يذكر قولًا غيره (٤).

ومن أهل العلم من جعل التاء في {تغشى} ترجع إلى معنى النعاس، وهو السِنَة (٥)، وهذا خلاف الظاهر.

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

القول بأن الجملة الفعلية {تغشى} صفة يمكن أن يستدل له بأن هذا هو الظاهر المتبادر للذهن من تسلسل الكلام، لأن تاء التأنيث في {تغشى} راجعة إلى الأمَنَة، وإذا كانت ترجع إليها فالأولى أن تكون مرتبطةً بها في الإعراب، فتكون صفةً تابعة لها.

[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]

لم يظهر دليل يختص به القول بأن الجملة {تغشى} مستأنفة إلا أنه هو المخرج من الإشكالات على القول الآخر، فالذي جعل السمين الحلبي يختار هذا القول هو عدم جواز القول الآخر عنده.

[٤) الموازنة بين الأدلة]

هذه المسألة تنبني على النظر في الإشكالات المذكور وإمكانية الإجابة عنها، فإذا استقام إعراب الجملة على أنها صفة مع الإجابة عن الإشكالات فإنه يؤخذ بذلك لأن هذا هو الظاهر، وإلا فإن الأحسن أن تكون الجملة مستأنفة كما ذكر السمين الحلبي.

ولنبدأ بأظهر هذه الإشكالات، وهو أننا إذا أعربنا {نعاسًا} مفعولًا لأجله فإنه يلزم من


(١) ينظر في التبيان لأبي البقاء العكبري (١/ ٣٠٣) والكتاب الفريد للمنتجب الهمذاني (٢/ ١٥٣)، وحاشية الطيبي على الكشاف (٤/ ٣٠٥).
(٢) ينظر في البحر المحيط (٣/ ٣٩٠ – ٤٠٠).
(٣) ينظر في إتحاف فضلاء البشر للبَنَّا الدمياطي (ص: ٢٣٠)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٠٧).
(٤) ينظر في تفسير أبي السعود (٢/ ١٠١).
(٥) ينظر في تفسير ابن عرفة (١/ ٤٣٠).

<<  <   >  >>