للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم: (أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) (١)، وقال صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت) (٢)؛ "أي: هاتان الخصلتان هما كفرٌ قائم بالناس، فنفسُ الخصلتين كفرٌ حيث كانتا من أعمال الكفار، وهما قائمتان بالناس، لكن ليس كل من قام به شُعبةٌ من شُعَب الكفر يصير كافرًا الكفرَ المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر، كما أنه ليس كل من قام به شُعبةٌ من شعب الإيمان يصير مؤمنًا حتى يقوم به أصل الإيمان" (٣).

وأما من قال بأن الإيمان يزيد ولا ينقص فقد أثبت الحجة على نفسه، فإن الزيادة تستلزم النقص كما تقدم بيانه.

والاستدلال بحديث (الإسلام يزيد ولا ينقص) استدلالٌ في غير محله، والرد عليه من وجهين:

الأول: من جهة الرواية، فإن فيه ضعفًا في الإسناد بسبب الانقطاع بين معاذ بن جبل رضي الله عنه وأبي الأسود، فإن بينهما رجلًا مجهولًا لم يُسمَّ (٤).

الثاني: من جهة الدراية: فإن الخبر إن صحَّ فليس تأويله في نفي أن الإيمان ينقص، فإنه خلاف ما ثبت صحيحًا من الأدلة الأخرى التي تدل على أن الإيمان يزيد وينقص، وإنما معناه أن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه (٥).

[٦) النتيجة]

الحقُّ الذي لا شك فيه أن الإيمان يزيد وينقص، كما دلت عليه الآية هنا وغيرها من الآيات والأحاديث.

وليست هذه المسألة من المسائل التي تقبل الموازنة والترجيح عند أهل السنة، بل المقام فيها مقام إحقاق الحق والرد على الأقوال المخالفة، لكنها عند السمين الحلبي من مسائل الترجيح،


(١) رواه البخاري في صحيحه (١/ ١٦/ ٣٤) ومسلم في صحيحه (١/ ٧٨/ ٥٨) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٢) رواه مسلم في صحيحه (١/ ٨٢/ ٦٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (١/ ٢٣٧).
(٤) ينظر تفصيله وحكاية الأقوال في ضعفه في سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني (٣/ ٢٥٢/ ١١٢٣).
(٥) ينظر أقوال أهل العلم في معناه في كتاب زيادة الإيمان ونقصانه للشيخ عبد الرزاق البدر (ص: ٣١٠).

<<  <   >  >>