للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي القول الأول بأن الاستجابة لله ولرسوله في الآية هي استجابة واحدة، وهي الاستجابة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج لتتبع العدو بعدما أصابهم القرح في غزوة أُحد، وهذا الترجيح يظهر من ثلاثة وجوه:

الأول: أن هذا القول هو الذي قدَّمه أولًا، ثم تعرَّض للخلاف بعد ذلك، فدل على أنه هو المعتمد عنده في تفسير الآية.

الثاني: لفظ الترجيح، وذلك في قوله: (وما قدمناه هو الظاهر).

الثالث: أنه استدل لهذا القول ولم يستدل للقول الآخر، فذكر أنه هو المتوافق مع ما قدَّمه من سبب النزول (١).

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

جميع من وقفت عليه من المفسرين جعلوا الاستجابة في الآية واحدة، وهي الاستجابة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد غزوة أُحد (٢)، وهو قول عائشة رضي الله عنها كما سيأتي، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعن عكرمة والحسن وقتادة والسدي وابن جريج (٣).

وكلهم اتفقوا على أن الآية في قصة غزوة أُحد، وأن الاستجابة في الآية لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن اختلفوا في تحديد الغزوة التي استُجيب لها؛ قال البقاعي: "هذه الآيات من تتمة هذه القصة سواء قلنا إنها إشارة إلى غزوة (حمراء الأسد) أو غزوة (بدر الموعد)، فإن الوعد كان يوم أُحد، والله الهادي" (٤).

ولم أقف على من ذكر القول الثاني إلا ما قد يُفهم من كلام الراغب الأصفهاني في تفسيره،


(١) وينظر ما قدَّمه من أسباب النزول في المصدر السابق (ص: ٢٤٦ - ٢٤٨).
(٢) ينظر في تفسير الطبري (٦/ ٢٣٩) والسمعاني (١/ ٣٧٩) والبغوي (١/ ٥٣٩)، والكشاف للزمخشري (١/ ٤٤٠)، والمحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٤٢)، وتفسير الرازي (٩/ ٤٣١) والقرطبي (٤/ ٢٧٧) والبيضاوي (٢/ ٤٨) وابن كثير (٢/ ١٦٥)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٣٦)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ١٦٧).
(٣) رواها الطبري في تفسيره (٦/ ٢٤١ - ٢٤٣) إلا أثر عكرمة والحسن فرواهما ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨١٦).
(٤) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (٥/ ١٢٤).

<<  <   >  >>