للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الآية في الغزوة التي تلي غزوة أُحد التي أصيب فيها المسلمون، وهي غزوة حمراء الأسد.

والاسم الموصول في قوله {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} وقوله {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} هما لطائفة واحدة هم الذين خرجوا إلى حمراء الأسد، ويبعد أن يكون الأول للذين خرجوا لحمراء الأسد، ويكون الثاني للذين خرجوا لغزوة بدر الموعد؛ إذ ليس في اللفظ ما يدل على أن الثاني غير الأول، وليس في الواقع ما يدل على أن الخارجين لحمراء الأسد هم أنفسهم الذين خرجوا إلى بدر الموعد، بل الواقع على خلاف ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في غزوة حمراء الأسد: (لا يخرج معنا أحدٌ إلا من حضر يومنا بالأمس) (١)، ولم يُذكر مثل هذا في غزوة بدر الموعد.

[٥) النتيجة]

يترجَّح أن الآيات كلها نزلت لغزوة حمراء الأسد، لأن الروايات لهذا القول أكثر وأشهر، ولئن السياق من أوله ثابت في غزوة حمراء الأسد، فأولى أن يلحق به ما بقي مع إمكان صحته عليه، ولا موجب لصرفه إلى قصة أخرى مشابهة مع إهمال القصة التي ثبت لها أول السياق.

وليست المسألة هنا مما يمكن أن يُجمع فيها بين الروايات ويُقال فيها بالأمرين، فإن ذلك ما يخل بالسياق، لأن السياق ظاهر في أنه في طائفة واحدة، وليس فيه العطف على طائفة أخرى، والله أعلم.


(١) رواه الطبري في تفسيره (٦/ ٢٤٠) عن عكرمة، وروى نحوه ابن عساكر في تاريخ دمشق (١١/ ٢٢٠) عن الزهري

<<  <   >  >>