للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: حمل الآية هنا على الآية التي في سورة المائدة أيضًا، وذلك في قول من يقول إن الآية هنا في المنافقين وفي اليهود، فيستشهدون بقوله تعالى في سورة المائدة {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} على إرادة المنافقين، ويستشهدون بقوله تعالى {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ} على إرادة اليهود، فيقولون إن الآية هنا في المنافقين واليهود (١).

الثاني: ما ذُكر في سبب نزول هذه الآية، وذلك في الأقوال الآتية (٢):

- ذكر ابن أبي حاتم في هذه الآية روايةً عن الشعبي تقتضي أن الآية نزلت في اليهود؛ قال الشعبي: كان رجل من اليهود قتل رجلًا من أهل بيته، فقالوا لحلفائه من المسلمين: سلوا محمدًا، فإن كان يقضي بالدية اختصمنا إليه، وإن كان يأمر بالقتل لم نأته.

- وقال الكلبي: يعني به المنافقين ورؤساء اليهود؛ كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب فنزل: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}.

- ويقال: إن أهل الكتاب لمَّا لم يؤمنوا شقَّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الناس ينظرون إليهم ويقولون إنهم أهل الكتاب، فلو كان قوله حقًّا لا تبعوه، فنزلت هذه الآية.

- ويقال: نزلت في مشركي قريش، لأنهم كانوا أقرباءه، والناس يقولون: لو كان قوله حقًّا لا تبعه أقرباؤه، فشق ذلك عليه فنزلت الآية.

- ويقال: إن هؤلاء قومٌ أسلموا ثم ارتدوا خوفًا من المشركين، فاغتمَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}.

[٤) الموازنة بين الأدلة]

الذي يظهر أنه لا يستقيم قياس الآية هنا على الآية التي في سورة المائدة على القول بعموم الآية هنا، فإنه ثبت في تلك الآية سببٌ للنزول فليست مما يُستشهد به للعموم، ثم إن في لفظها ما يدل على التخصيص في اليهود والمنافقين كما تقدم.


(١) ينظر في تفسير أبي السعود (٢/ ١١٥)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٤٣).
(٢) الأقوال كلها في تفسير السمرقندي (١/ ٢٦٦) سوى رواية الشعبي فرواها ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٢٢)، وسوى القول الأخير ففي إعراب القرآن للنحاس (١/ ١٨٩)، والهداية لمكي بن أبي طالب (٢/ ١١٨٣).

<<  <   >  >>