للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: معناهُ أن يأتي بإثمه، وحُذف المضاف للعلم به.

وقيل: يؤخذ من حسناته عِوَضَه وإلا عُوقب.

وعن الكلبي: أنه يُمثَّل له ذلك الذي غله، فيُلقى في قعر جهنم ويقال لمن غله: انزل فأت به، فينزل فيأتي به، ثم يتدحرج ذلك الشيء إلى قعر جهنم، فيُكلَّف الإتيان به ثانيًا، وهكذا أبدًا.

و {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} معمولٌ لـ {يَأْتِ}، و (ما) موصولة اسمية؛ أي: الذي غلَّه، ويضعف جعلها نكرة موصوفة أو مصدرية، لأن القصد الإتيان بذلك الشيء لا نفس الغلول" (١).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يُرجِّح السمين الحلبي أن معنى قوله {يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أنه يأتي بنفس الشيء الذي غله، وهذا يظهر من ثلاثة وجوه:

الأول: أن ذكر أن هذا هو ظاهر القرآن، والظاهر مُقدَّمٌ عنده.

الثاني: أنه استدل لهذا القول بأكثر من حديث، وذكر علَّته في قوله: (وإنما يأتي به حاملًا له ليُفتضَح به على رؤوس الأشهاد)، ولم يستدل للأقوال الأخرى، ولم يذكر علتها.

الثالث: أنه صرح في آخر الكلام أنه يأتي بالشيء الذي غله في قوله: (لأن القصد أن الإتيان بذلك الشيء لا نفس الغلول).

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

جرى أكثر المفسرين على أن المراد في الآية أن الغال يأتي يوم القيامة بعين الشيء الذي غله (٢)، وعلى هذا جرى شُراح الحديث فذكروا أن الأحاديث في هذا الباب (والتي ذكر السمين


(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١٤٤ - ١٤٧).
(٢) ينظر في تفسير الطبري (٦/ ٢٠١)، والمحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٣٦)، وتفسير الرازي (٩/ ٤١٤) والقرطبي (٤/ ٢٥٦) وابن جزي (١/ ١٧٠)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٤١٢)، وفتح القدير للشوكاني (١/ ٤٥٢)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٢٢)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ١٥٥)، وتفسير السعدي (ص: ١٥٥).

<<  <   >  >>