يمكن أن يستدل على أن الآية لها سبب نزول يخصها بما ذكره كثيرٌ من المفسرين من أسباب النزول لهذه الآية (١)، كالذي ساقه السمين الحلبي هنا، وهذا الذي تتابع عليه كثيرٌ من المفسرين يدل على أن للآية حادثةٌ خاصة كانت سببًا في نزولها.
[٤) الموازنة بين الأدلة]
أما ما ذكر في سبب النزول، فليس فيه شيء مسندٌ يُوجب التخصيص، وإذا لم تثبت في ذلك روايةٌ مسنده فالأقرب أن ما يذكره المفسرون من سبب النزول إنما يراد به التمثيل، وبيان تطبيق الآية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، خصوصًا وأن الذي ذكروه ليس فيه تخصيصٌ لأناسٍ معينين، بل فيه التعميم في الكفار عمومًا.
ومعلومٌ أن تقلب الكافرين في الأرض وتمتعهم فيها مما يتكرر في كل زمان، وليس خاصًّا بزمن النبي صلى الله عليه وسلم، فالأولى كما ذكر السمين الحلبي أن يحمل اللفظ على العموم.
[٥) النتيجة]
الراجح أنه لم يثبت سبب نزول للآية، وإنما المذكور فيها من باب التمثيل وحكاية الواقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه الآية هنا هي مثل قوله تعالى:{مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ}[غافر: ٤]، فليست هذه الآية خاصة بالمجادلين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي عامة في كل المجادلين إلى يوم القيامة.