للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يظهر أن السمين الحلبي يرجح القول الثالث وهو أن الاستكانة ترجع إلى مادة (سكن)، وذلك من وجهين:

الأول: أنه ذكر ما يقوي هذا القول بأنه (هو المناسب للمعنى)، ولم يذكر ما يقوي القولَين الآخرين.

الثاني: أنه حكى الاعتراض على هذا القول ثم ردَّ على الاعتراض، وهذا يدل على أنه يميل إلى هذا القول ويدافع عنه (١).

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

ذكر المفسرون أصل كلمة (استكان) عند قوله تعالى هنا: {وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُواْ}، وعند قوله تعالى: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ} [المؤمنون: ٧٦]، وأما علماء اللغة فتعرضوا لذلك في المعاجم وفي كتب التصريف.

وكثيرٌ من المفسرين أرجعوا أصل الكلمة إلى السكون (٢)، ولعل ذلك لأجل رعاية المعنى، وكثير من علماء اللغة منع من ذلك وجعل وزن الكلمة (استفعل) وليس (افتعل)، وذلك مراعاةً لأصول الاشتقاق وقواعد علم الصرف، ثم منهم من رجَّح أن أصل الكلمة (استكون) من (الكون) (٣)، ومنهم من رجَّح أن أصلها (استكين) من (الكين) (٤)، وليس الخلاف بينهم قويًّا في الترجيح بين هذين القولين، وإنما خلافهم مع من قال: إن أصل


(١) وفي الدر المصون (٣/ ٤٣٢) فصَّل الاعتراض وفصَّل في الرد عليه.
(٢) ينظر ما يأتي في تفسير الثعلبي وما بعده، وتفسير ابن فورك لسورة المؤمنون (ص: ٨٩)، وتفسير السمعاني (٣/ ٤٨٥) والبغوي (٣/ ٣٧١)، والسراج المنير للشربيني (٢/ ٥٨٧)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (١٨/ ١٠١).
(٣) ينظر في المحرر الوجيز لابن عطية (٤/ ١٥٢)، وكشف المشكلات لجامع العلوم الباقولي (٢/ ٩٣٢)، والبيان لأبي البركات (٢/ ١٨٧)، والتبيان لأبي البقاء العكبري (١/ ٣٠٠)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٣٧٣)، وروضة المحبين لابن القيم (ص: ٤١)، وحاشية (الانتصاف فيما تضمنه الكشاف) لابن المنير الإسكندري (ص: ٧١٢).
(٤) اقتصر ابن عباد على ذكر الاستكانة في مادة (كين) في المحيط في اللغة (٦/ ٣٣٤)، وهو ظاهر ما ذهب إليه ابن جني في الخصائص (٣/ ٣٢٧)، والسهيلي في الروض الأنف (١/ ١٢٩)، وقد اختاره الزبيدي في تاج العروس (٣٦/ ٧٨)، والصافي في الجدول (٤/ ٣٢٩)، والدكتور محمد حسن في المعجم الاشتقاقي (٤/ ٢٣٥٦).

<<  <   >  >>