للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسعى في طلب زلتهم بسبب بعض ما كسبوا من الذنوب، لأن الشيطان يسعى في طلب إغواء بني آدم في كل حين.

[٥) النتيجة]

الذي يظهر أن قوله تعالى {اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ} معناه: أزلَّهم الشيطان، وهو عين ما فعله الشيطان مع الأبوين، كما في قوله: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ}، فلا يبعُد أن يكون فعله هنا مثل ذلك الفعل، بأن يكون وسوس لهؤلاء الذين تولوا كما وسوس للأبوين، وأظهر النصح في ذلك كما فعل مع الأبوين حتى زلوا.

وهذا هو المناسب لمعنى الزلَّة فإنها تكون من غير قصد (١)، فلا يُتصوَّر طلبها من أحدٍ إلا أن يكون معنى الطلب مقدَّرًا (٢)، وبهذا يظهر أن معنى الطلب يحتاج إلى تقدير في إثباته، كما أنه يحتاج إلى تقدير في بيان الاستجابة له وإثبات أنهم زلوا ليستقيم التعليل والعتاب في الآية، وهذا مما يضعف معنى الطلب ويرجِّح المعنى الآخر وهو أن {اسْتَزَلَّهُمُ} بمعنى (أزلَّهم)، وتكون السين والتاء للتأكيد والمبالغة، كما ذكر ابن عاشور (٣)، والله أعلم.


(١) ينظر في المفردات للراغب الأصفهاني (ص: ٣٨١).
(٢) فيكون كقولك: استخرجت الفائدة، فالطلب هنا مقدَّرٌ وليس بحقيقي؛ ينظر في شرح الشافية للرضي (١/ ١١٠).
(٣) ينظر في التحرير والتنوير (٤/ ١٤٠)، (٢٥/ ٢٣٣).

<<  <   >  >>