للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الخامسة: معنى قول الله تعالى: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}

قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: ١٦١]

• أصل الخلاف في المسألة:

جاء رجلٌ إلى أبي هريرة فقال: أرأيت قول الله تعالى: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}؛ هذا يغل ألف درهم وألفي درهم يأتي بها؛ أرأيت من يغل مئة بعير، مئتي بعير؛ كيف يصنع (١)؟

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: " {وَمَن يَغْلُلْ} أي: ومَن يَخُن في شيءٍ من المَغْنَم {يَأْتِ بِمَا غَلَّ}، وظاهر القرآن أنه يجيء به بعينه، ويدل له ما في الحديث: (جاء يوم القيامة يحمله على عنقه) (٢)، وروي: (ألا لا أعرفن أحدكم يوم القيامة يأتي ببعير له رغاء، وببقرة لها خوار، وبشاة لها ثغاء، فينادي: يا محمد، يا محمد؛ لا أملك لك من الله شيئا، قد بلَّغتُك) (٣)، وروى البخاري ومسلم: (لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعيرٌ له رغاء، فيقول: يا رسول الله؛ أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا، قد أبلغتك) (٤)، وفي بعض الأحاديث: (وبفرسٍ له حَمْحَمَة) (٥)، وقد غلَّ غلامٌ اسمه مِدعَم يوم خيبر شَملَةً من المغنم، فقال عليه السلام: (والذي نفسي بيده؛ إنها لتشتعل عليه نارًا) (٦). وإنما يأتي به حاملًا له ليُفتضَح به على رؤوس الأشهاد.


(١) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٠٥).
(٢) رواه البخاري (٨/ ١٣٠/ ٦٦٣٦) ومسلم (٣/ ١٤٦٣/ ١٨٣٢) في صحيحيهما من حديث أبي حميد الساعدي
(٣) رواه البخاري (٩/ ٢٨/ ٦٩٧٩) في صحيحه بنحوه من حديث أبي حميد الساعدي.
(٤) رواه البخاري (٤/ ٧٤/ ٣٠٧٣) ومسلم (٣/ ١٤٦٣/ ١٨٣٢) في صحيحيهما من حديث أبي هريرة.
(٥) في الحديث السابق، ومعنى الحَمْحَمَة: صوت الفرس دون الصهيل؛ ينظر في النهاية لابن الأثير (١/ ٤٣٦).
(٦) رواه البخاري (٥/ ١٣٨/ ٤٢٣٤) ومسلم (١/ ١٠٨/ ١١٥) في صحيحيهما من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>