هي شبيهة بالمسألة الأولى التي سبقت، فإن فعل (رأى) في اللغة له حالان: إما أن يتعدَّى إلى مفعولين فيكون من باب (ظنَّ وأخواتها) فتكون الرؤية علميَّة، كقولك: رأيت الصدقَ سبيلَ النجاة، وإما أن يتعدَّى إلى مفعولٍ واحد، كقولك: رأيت الهلال، فتكون الرؤية بصريَّة.
والخلاف هنا في الرؤية في قوله:{فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ}؛ هل تتعدَّى إلى واحد أم اثنين؟
• نص المسألة:
قال السمين الحلبي رحمه الله:"والظاهر أن الرؤية هنا رؤيةُ البصر، ويؤيد ذلك قوله:{وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}، وعلى هذا فلا حاجة إلى حذف.
وقيل: هي بمعنى العلم، فيتعدى إلى اثنين، فيحتاج إلى تقدير الثاني؛ أي: فقد رأيتموه حاضرًا، ونحو ذلك، ولكن حذف أحد مفعولي (ظنَّ) اختصارًا فيه خلاف، والصحيح جوازه، وأنشدوا لعنترة:
ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المُحَب المُكرَم
أي: فلا تظني غيره واقعًا" (١).
• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:
يرجِّح السمين الحلبي هنا أن فعل الرؤية يتعدى إلى مفعول واحد، وهذا الترجيح يظهر من ثلاثة وجوه:
(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ - ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٣٤٩).