للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: تعدي الفعل في قول الله تعالى {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ}

قال تعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ} [آل عمران: ١٤٣]

• أصل الخلاف في المسألة:

هي شبيهة بالمسألة الأولى التي سبقت، فإن فعل (رأى) في اللغة له حالان: إما أن يتعدَّى إلى مفعولين فيكون من باب (ظنَّ وأخواتها) فتكون الرؤية علميَّة، كقولك: رأيت الصدقَ سبيلَ النجاة، وإما أن يتعدَّى إلى مفعولٍ واحد، كقولك: رأيت الهلال، فتكون الرؤية بصريَّة.

والخلاف هنا في الرؤية في قوله: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ}؛ هل تتعدَّى إلى واحد أم اثنين؟

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "والظاهر أن الرؤية هنا رؤيةُ البصر، ويؤيد ذلك قوله: {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}، وعلى هذا فلا حاجة إلى حذف.

وقيل: هي بمعنى العلم، فيتعدى إلى اثنين، فيحتاج إلى تقدير الثاني؛ أي: فقد رأيتموه حاضرًا، ونحو ذلك، ولكن حذف أحد مفعولي (ظنَّ) اختصارًا فيه خلاف، والصحيح جوازه، وأنشدوا لعنترة:

ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المُحَب المُكرَم

أي: فلا تظني غيره واقعًا" (١).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي هنا أن فعل الرؤية يتعدى إلى مفعول واحد، وهذا الترجيح يظهر من ثلاثة وجوه:


(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ - ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٣٤٩).

<<  <   >  >>