للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: لفظ الترجيح، وذلك في قوله: (والظاهر أنه يعم جميع الرسل)، والظاهر عنده مقدَّمٌ على غيره.

الثاني: أنه أشار إلى اعتبار هذا القول عنده قبل ذكر المسألة، فذكر أنهم لما نظروا وعرفوا أحقيَّة ما جاءت به الرسل بادروا لتصديقهم، فإيمانهم جاء عقب نداء الرسل (١).

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

أكثر المفسرين يميلون إلى أن المنادي المذكور في الآية هو النبي صلى الله عليه وسلم (٢)، وروي هذا عن ابن جريج وابن زيد (٣)، وعزاه بعض المفسرين إلى ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم (٤).

وقد عمَّم السمين الحلبي القول في هذه المسألة، فلم يجعل المنادي هو الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تبعه فقط، بل جعل المنادي هو جميع الرسل وأتباعهم.

أما القول بأن المنادي هو القرآن فهو مروي عن محمد بن كعب القرظي، واختاره الطبري وحمل عليه قولَ قتادة في الآية (٥).

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

القول بأن المنادي يعمُّ جميع الرسل يمكن أن يستدل له بدليلين:

الأول: أن هذا هو الظاهر السالم من التجوُّز كما أشار إليه السمين الحلبي، فيكون النداء


(١) ينظر فيما سبق من القول الوجيز، وقدَّم السمين الحلبي هذا القول على غيره في عمدة الحفاظ (٤/ ١٥٨).
(٢) ينظر في تفسير البغوي (١/ ٥٥٧)، والكشاف للزمخشري (١/ ٤٥٥)، وتفسير القرطبي (٤/ ٣١٧) والبيضاوي (٢/ ٥٥)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٤٧٣)، وتفسير ابن كثير (٢/ ١٨)، وتفسير أبي السعود (٢/ ١٣٢)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٧٣)، وتفسير السعدي (ص: ١٦١)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ١٩٩).
(٣) رواه عنهما الطبري في تفسيره (٦/ ٣١٥)، ورواه ابن المنذر في تفسيره (٢/ ٥٣٧) وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٤٣) عن ابن جريج وحده.
(٤) ينظر في تفسير الثعلبي (٩/ ٥٦١) والتفسير البسيط للواحدي (٦/ ٢٥٩) وزاد المسير لابن الجوزي (١/ ٣٦١).
(٥) ينظر في تفسير الطبري (٦/ ٣١٤ - ٣١٥) وابن المنذر (٢/ ٥٣٦) وابن أبي حاتم (٣/ ٨٤٢)، وذكر ابن رجب في مجموع رسائله (١/ ٢٠٥) أن المراد بالمنادي القرآن عند أكثر السلف، ويعارضه ما سبق عنهم، والظاهر أنه هو وغيره يذكرون هذا القول في باب فضل القرآن للاعتضاد وليس للاعتماد، كما في الموافقات للشاطبي (٤/ ١٨٦).

<<  <   >  >>