للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الحادية عشرة: وجه النصب في قوله: {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٩٥]

• أصل الخلاف في المسألة:

الثواب يكون بمعنى الإثابة، ويكون بمعنى الشيء المُثاب به، فإن كان قوله {ثَوَابا} بمعنى الإثابة كان تأكيدًا للسياق بأن ما حصل لهم من الجزاء إنما هو إثابة من عند الله، وإن كان بمعنى الشيء المثاب به ففيه عدة أوجه تختلف في متعلقاتها (١).

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "وفي انتصاب {ثَوَابا} ثمانية أوجه، أوجهها أنه منصوب على المصدر المؤكد من غير الصدر، لأن معنى الجملة التي قبله تفيده وتُفهِمُه، إذ معنى {لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ} معنى لأثيبنَّهم بذلك إثابةً أو تثويبًا، لأن هذين المصدرين لـ (أثاب) ولـ (ثوَّب)، فالثواب اسم مصدر، وإن كان في الأصل اسمًا لما يُثاب به، وهذا كما قالوا في العطاء أنه اسمٌ للشيء المُعطى، ثم يقع بمعنى الإعطاء، فـ {ثَوَابا} و {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: ٨٨] و {وَعْدَ اللَّهِ} في الانتصاب على التأكيد بالمصدر.

الثاني: أنه منصوب على الحال من {جَنَّاتٍ}، وجاز ذلك -وإن كانت نكرة- إما لأنه لا يُشترط فيها شرط، وهو قول سيبويه، وإما لكونها تخصصت بالجملة بعدها.

الثالث: أنه حالٌ أيضًا، لكن من مفعول (لأدخلنهم)؛ أي: لأدخلنهم ذوي ثواب؛ أي: مثابين.

الرابع: أنه حالٌ أيضًا لكن من الضمير في {تَحْتِهَا} العائد على {جَنَّاتٍ}، وخَصَّص أبو البقاء كونه حالًا منها بكونه بمعنى الشيء المُثاب به، فقال: «وقد يقع الثواب بمعنى الشيء المُثاب به، كقولك: هذا الدرهم ثوابك، فعلى هذا يجوز أن يكون حالًا من ضمير الجنات؛ أي: مُثابًا بها … » (١).

الخامس: أنه بدلٌ من قوله: {جَنَّاتٍ}، قالوا: لكنه على تضمين (لأدخلنهم):


(١) ينظر في التبيان لأبي البقاء العكبري (١/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>