ثم إن الأمرين (القتل والغلبة) يمكن اجتماعهما في ذاتٍ واحدة؛ قال الله تعالى:{وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}[الصافات: ١٧٣]، وقال:{فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة: ٥٦]، فقد وعد الله المؤمنين المجاهدين في سبيله هنا بالغلبة، وهذا لا ينافي أنهم يُقتلون، كما يفيده قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}[التوبة: ١١١]، فأنت ترى أن الله قد قضى للمؤمنين بالغلبة وأنه جعل احتمال القتل عليهم واردًا، فالمقتول يمكن أن يكون غالبًا؛ قال السدي عند قوله تعالى {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[غافر: ٥١]: "قد كانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا وهم منصورون، وذلك أن تلك الأمة التي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتى يبعث الله قوما فينتصر بهم لأولئك الذين قتلوا منهم"(١).
ولو حملنا الوعد بالغلبة في الآية هنا على هزم الأعداء في ذات المعركة، فقد تكون تلك الغلبة بعد مقتل الأنبياء، كما يشير إليه قوله تعالى {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُواْ}.
[٥) النتيجة]
الذي يظهر والله أعلم أن القتل في الآية متعلق بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا هو المتوافق مع سبب النزول، والأقرب بالنظر إلى سياق الآية، وهو مقتضى معاتبة الصحابة رضي الله عنهم على ما كان في غزوة أُحد.
ولا ينقص من قدر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يكون بعضهم قُتل في حرب؛ أما