للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حيث القتل فقد ثبت مقتل بعضهم في غير الحرب ولم ينقص ذلك من قدرهم أبدًا (١)، وأما كونهم يُؤمرون بالقتال فيُقتلون، فإن الله أمر المؤمنين بذلك وذكر أن مما يتبع هذا الأمر أن يُقتل منهم مَنْ يُقتل؛ {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}، بل إن الأنبياء بذلك ينالون شرف الشهادة في سبيل الله، فلا يكون الاستشهاد في الغزوات خاصًا بأتباع الأنبياء فقط.

ثم إن كان المقتول هم الربيون وحدهم فما فائدة ذكر الأنبياء وتكثيرهم، فيقال: وكم ممن قبلكم قُتل منهم كثير فما وهنوا … ، أو وكثيرٌ من أتباع الأنبياء قتلوا فما وهنوا لما أصابهم …

وأيضًا، فمَن الذين رُغِّب بالاقتداء بهم في الآية؟

إن كان المقتدى بهم في الآية هم الأنبياء في صبرهم على مقتل أتباعهم، فهذا أمرٌ حاصل لا مزية فيه؛ فإن القائد يصبر ولا بد على فقد بعض أتباعه، ولكن الشأن في صبر الأتباع على فقد قائدهم وثباتهم حينئذ.

وإن كان المشار إليه بالاقتداء هم الأتباع فأولى أن يكون صبرهم على مقتل نبيهم، لا على مقتل بعضهم مع وجود قائدهم.

وجعل القتل في الآية متعلقًا بالربيين يحتاج إلى تقدير، فيكون المراد: فما وهن الباقون ممن لم يقتلوا لما أصابهم، وعدمُ التقدير أولى، والله أعلم.


(١) وذُكر احتمالٌ في معنى الآية أن الأنبياء قتلوا لكن في غير حرب؛ ينظر في الحجة لأبي علي (٣/ ٨٣)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (١٤/ ٣٧٤) وسياق الآية ونزولها في غزوة أُحد يشير إلى أنه قتلٌ {في سبيل الله}.

<<  <   >  >>