للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: ألفاظ التقوية عند السمين الحلبي]

ألفاظ التقوية هي الألفاظ التي يستخدمها المفسر في بيان قوةِ أحدِ الأقوال في التفسير، ويمكن أن تدل بمفردها على الترجيح، كأن تكون بصيغة التفضيل (كقولهم: وهذا أقوى الأقوال) أو صيغة القصر (كقولهم: وهذا هو القول الصحيح)، فتكون من المرادفات للفظ الترجيح، ويمكن أن يدل اللفظ على مجرَّد التقوية، ثم قد يدل السياق على تفضيل هذا القول على غيره، فيكون هو القول الراجح، وقد لا يدل، كأن يذكر ما يقوِّي الأقوال الأخرى في المسألة، أو يكون في بقية كلامه ما يشير إلى تساوي الأقوال في القوة والاعتبار بها جميعًا، أو تكون المسألة من عدة أقوال، وتكون الموازنة فيها بين قولين فقط.

وهذه الألفاظ منها ما هو دارجٌ عند كثيرٍ من المفسرين، ومنها ما يختص به مفسرٌ معيَّنٌ أو مدرسةٌ معيَّنةٌ في التفسير، وبالاستقراء ظهرت لي مجموعةٌ من الألفاظ التي يستخدمها السمين الحلبي في تقوية الأقوال، بعضها من ألفاظ التقوية العامة بين المفسرين، وبعضها خاصٌّ غير شائعٍ بين المفسرين.

والمقصود هنا هو اللفظ الذي يُوصف به نفس القول ليدلَّ على قوَّته، وأما الكلامُ عن معنى هذا اللفظ ودلالاته، والكلامُ عن القرائن التي تدل على الترجيح (كأن يقول: وهذا أوفق مع السياق، أو وهذا قول أكثر النحويين والمفسرين)، فهذا يكون ذِكْرُه عند طُرق الترجيح وقواعده.

والألفاظ التي يستخدمها السمين الحلبي في التقوية هي كما يأتي:

١) وصف القول بأنه (الظاهر) أو (الأظهر):

وهما من أكثر الألفاظ التي يُعبِّر بها عن الترجيح، وسيتضح هذا في كثير من المسائل في الفصل الآتي، ومن الأمثلة في ذلك ما ختم به أحد المسائل بقوله: "وبالجملة، فالقول الأول هو الظاهر" (١)، وقوله أيضًا: "وقوله {لَمَغْفِرَةٌ} [آل عمران: ١٥٧] فيها وجهان أظهرهما أنها مبتدأ … والثاني أنها خبر مبتدأ مضمر … وهذا غير ظاهر فالأول الوجيه" (٢).


(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١٧٧).
(٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١٠٦).

<<  <   >  >>