الخلاف يرجع إلى النظر في كيفية النداء المذكور في الآية، فإن قيل إن المنادي هو الرسول صلى الله عليه وسلم أشكل عليه الذي لم يرَ الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يسمع نداءه، وإن قيل إنه دعوة الرسول صلى عليه وسلم الخالدة والمتمثلة في القرآن أشكل عليه أن القرآن لا يكون منه النداء والمناداة إلا بالتجوُّز.
• نص المسألة:
قال السمين الحلبي رحمه الله:"واختلف الناس في هذا المنادي، والظاهر أنه يعم جميع الرسل؛ إذ المراد الجنس، بل يعم أتباعهم الآمرين بأمرهم.
وقال ابن جريج وابن زيد: هو الرسول صلى الله عليه وسلم، بدليل قوله تعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ٤٥ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ}[الأحزاب: ٤٥ - ٤٦]، ويقول تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}[النحل: ١٢٥].
وقال محمد بن كعب القرظي هو القرآن، محتجًا بأن الناس كلهم لم يدركوا الرسول، والقرآن بعده بين أيديهم، وعلى هذا القول يستند النداء إلى هذا المنادي مجازًا، وعلى القول الأول حقيقةً" (١).
• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:
يرجِّح السمين الحلبي أن المنادي الذي ينادي للإيمان في الآية يَعُمُّ جميع الرسل، ويعم أتباعهم كذلك، ويظهر هذا الترجيح من وجهين:
(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٤٠٥ - ٤٠٦).