للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزيادة والتأصيل فحمله على التأصيل أولى" (١)، فلا تحمل (لا) في قوله {لِّكَيْلَا} على الزيادة، وأيضًا فإنه يلزم من حملها على الزيادة حمل (لا) في قوله {وَلَا مَا أَصَابَكُمْ} على الزيادة كذلك.

الثالث: أن من قواعد الترجيح أيضًا: "إذا أمكن بقاء الشيء على موضوعه فهو أولى"، وبقاء (لا) على ما وضعت له من كونها نافية أمرٌ ممكن، فهو أولى.

الرابع: أنه يمكن حمل الآية على المعنى اللائق من غير تكلُّف، ومن ذلك أن يقال إن هذه الغموم التي أصابتهم من أجل أن ينسي بعضها بعضًا فلا يحزنوا على ما أصابهم ولا ما فاتهم، وليس بغريبٍ أن ينسى المغموم أمرًا كان يحرص عليه، فلا يحزن بعد ذلك على فواته، أو ينشغل بغمه عن أمرٍ أصابه، فلا تحزنه المصيبة، وليس بغريبٍ أيضًا أن يُراد بالمرء ما يسوءُه ليتحقق له أمرٌ ينفعه، فربما كان الدواء بالداء، وربما صحَّت الأجسام بالعلل (٢).

[٥) النتيجة]

الراجح أن التعليل في قوله تعالى {لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ} هو تعليل لإثابة الغم في قوله تعالى: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ}، وأن (لا) في قوله {لِّكَيْلَا} هي على بابها في أنها نافية، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم كما ذكر أبو حيان (٣). والله أعلم


(١) ينظر في قواعد الترجيح عند المفسرين للدكتور حسين الحربي (٢/ ٤٩٥ – ٤٩٩).
(٢) ينظر في زاد المعاد لابن القيم (٣/ ٢٠٤)، ونظم الدرر للبقاعي (٥/ ٩٦)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٠٥)، وتفسير آل عمران للعثيمين (٢/ ٣٢٢).
(٣) ينظر في البحر المحيط (٣/ ٣٨٨).

<<  <   >  >>