للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

دليلان:

الأول: أن هذا هو الظاهر السالم من الحذف والتجوُّز كما أشار إليه السمين الحلبي، فإن أول الآية هي في المؤمنين، لأنهم هم الذين أصابتهم المصيبة، فيبقى الخطاب لهم كما هو الظاهر (١).

الثاني: سبب النزول، فإن الآية نازلة في المؤمنين، فيكون الخطاب فيها للمؤمنين، قال ابن عباس رضي الله عنهما: حدثني عمر بن الخطاب قال: لمَّا كان يوم أُحد من العام المقبل عُوقِبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقُتل منهم سبعون وفرَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكُسِرت رباعيته، وهُشِمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، فأنزل الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنفُسِكُمْ} قال: بأخذكم الفداء" (٢).

[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]

يستدل للقول الثاني بأن المقولة المذمومة، وهي قولهم: {أَنَّى هَذَا}، هي من المقولات التي كانت بعد غزوة أُحد، فتُلحق بما قاله المنافقون بعد الغزوة، كقولهم: {هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} [آل عمران: ١٥٤]، ونحو هذا من المقولات التي فيها التسخط على أقدار الله، ويقصدون بها الطعن في الدين، وعليه فيكون الخطاب في الآية للمنافقين، ويكون في الآية الردُّ عليهم وتوبيخهم (٣).

[٤) الموازنة بين الأدلة]

يظهر من الخطاب أنه يتوجَّه للمؤمنين، لأن السياق في أول الآية يتوجَّه إليهم، فهم الذين أصابتهم المصيبة في غزوة أُحد، والمنافقون لم يكونوا معهم، بل انخزلوا من الجيش ولم يرجعوا، كما


(١) وينظر في البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٤٢١).
(٢) أسباب النزول للواحدي (ص: ١٢٧ - ١٢٨)، وينظر في العجاب في بيان الأسباب لابن حجر (٢/ ٧٨٠ - ٧٨٣)، والصحيح المسند من أسباب النزول للشيخ مقبل بن هادي الوادعي (ص: ٥٣ - ٥٤).
(٣) مستفاد مما ذكره الماتريدي في تفسيره (٢/ ٥٢٣).

<<  <   >  >>