للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: ترجيحات السمين الحلبي من آية (١٧٦) إلى آية (١٨٩)]

وفيه ست مسائل

المسألة الأولى: الحكمة من النهي في قول الله تعالى {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}

قال تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٧٦]

• أصل الخلاف في المسألة:

قال الزمخشري: "إن قلت: فما معنى قوله: {وَلَا يَحْزُنكَ}، ومن حق الرسول أن يحزن لنفاق من نافق وارتداد من ارتد؟ قلت: معناه: لا يحزنوك لخوف أن يضروك ويعينوا عليك؛ ألا ترى إلى قوله: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئا} " (١).

وأجاب آخرون بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُفرِط في الحزن على كفر قومه، فنهي عن ذلك، كما في قوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: ٨] (٢).

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله في بداية الآية: "وجه مناسبتها لما تقدَّمها أن يقال: لما نهى المؤمنين عن خوف الكفار وأمرهم بخوفه خاصة عقَّب ذلك بنهيه لرسوله عليه السلام بأن لا يحزنه أمرهم ولا يهتم بشأنهم، فإن ما يكيدون به راجعٌ عليهم لا يتعداهم.

ومعناه: لا تتوقع خيرًا ولا ضررًا منهم، ولذلك علل بقوله: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئا}

وقيل: معناه: لا تهتم بعدم إيمان من لم يؤمن من قومك، فإن ذلك ليس إليك، فهي


(١) الكشاف (١/ ٤٤٣).
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره (٤/ ٢٨٥) عن القشيري.

<<  <   >  >>