للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: المخاطب في قوله: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ}

• أصل الخلاف في المسألة:

المسألة في رعاية وحفظ جناب النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الآية تضمنت النهي عن الاغترار، و"النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز عليه الاغترار، فكيف خوطب بهذا؟ " (١).

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "والخطاب كما قلنا لكل من يتأتَّى منه ذلك.

وقال الزمخشري: «الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد … »، ثم قال بعد كلامه: «فإن قلت: كيف جاز أن يغتر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يُنهى عن الاغترار؟ قلت: فيه وجهان:

أحدهما: أن مِدرَة القوم ومتقدمهم يُخاطب بشيءٍ فيقوم خطابه مقام خطابهم جميعا، فكأنه قيل: لا يغرنكم.

والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غير مغرور بحالهم، فأكَّد عليه ما كان عليه وثُبِّت على التزامه، كقوله: {وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} [هود: ٤٢] (٢)، وقوله: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يونس: ١٠٥]، وقوله: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} [القلم: ٨] … » (٣).

وحاصل ما ذكره: أن الرسول مخاطبٌ بذلك والمراد أمته، لكن وُجِّه الخطاب إليه لأن العادة قاضيةٌ بخطاب سيد القوم ومُقدَّمهم.

والثاني: أنه له ولكن على سبيل التأكيد والدوام، ومثله في المعنى قول الآخر:

قد يُهَزُّ الحسام وهو حسام ويُحَثُّ الجواد وهو جواد

وتحصَّل أيضًا في المخاطب ثلاثة أوجه:


(١) تفسير الماوردي (١/ ٤٤٤).
(٢) لا يظهر صحة الاستشهاد بهذه الآية هنا، لأنها في ابن نوح الذي كان مع الكافرين حقًّا: {يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين}، وجاء بدلها في نسخة الكشاف في حاشية الطيبي (٤/ ٣٩٤): {ولا تكونن ظهيرًا للكافرين}.
(٣) الكشاف للزمخشري (١/ ٤٥٧ - ٤٥٨).

<<  <   >  >>