للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووقع بين المسلمين واليهود والمشركين سِباب كثير فنزلت (١).

وقيل: إن عدو الله كعب بن الأشرف كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بهجائهم، ويحرض المشركين على المسلمين (٢).

والظاهر أن هذا لم يقع قبل هذا الإخبار، بل جيء به توطينًا لهم كما قدمناه.

وقيل: بل هذا إشارة إلى ما مضى" (٣).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي أنه لم تقع حادثة معينة قبل نزول الآية، وإنما المراد منها التوطين لما سيحدث بعدها، ويظهر هذا الترجيح من وجهين:

الأول: لفظ الترجيح، وذلك في قوله: (والظاهر أن هذا لم يقع قبل هذا الإخبار)، والظاهر عنده مقدَّم على غيره.

الثاني: ما ذكره أولًا في مناسبة الآية، وأشار إلى اعتباره بقوله: (بل جيء به توطينًا لهم كما قدمناه)، فأضرب عن الأقوال الأخرى ورجع إلى الاعتبار بما قدَّمه في مناسبة الآية من أن الآية جاءت للتوطين لما سيحدث بعد نزولها.

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

لم يصرح أهل العلم في بالقول الفصل في هذه المسألة، لكن روايتهم وذكرهم لسبب النزول يقتضي أنهم يرون أن الحادثة قد وقعت قبل نزول الآية، خصوصًا مَنْ ذكر (الفاء) في لفظ النزول: (فنزلت) (٤)، فإن ذلك يقتضي أنه يرى أن الحادثة وقعة قبل نزول الآية


(١) رواه البخاري في صحيحه (٦/ ٣٩/ ٤٥٦٦) عن أسامة بن زيد ولم يذكر أمر النزول، وإنما هي للاستشهاد بالآية.
(٢) رواه أبو داود (٣/ ١٥٤/ ٣٠٠٠) عن كعب بن مالك، ولعله من باب التمثيل به، لتكرر ذلك من نفس الطريق في آية أخرى؛ ينظر تفسير عبد الرزاق (١/ ٢٨٥) وابن أبي حاتم (١/ ٢٠٤) والسنن الكبرى للبيهقي (٩/ ٣٠٨)
(٣) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٣٤٤ - ٣٤٦).
(٤) ينظر في معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١/ ٤٩٦)، ومعاني القرآن للنحاس (١/ ٥١٩)، وتفسير الثعلبي (٩/ ٥٢١) والبغوي (١/ ٥٥٠) والقرطبي (٤/ ٣٠٣)، والسراج المنير للشربيني (١/ ٢٧٢).

<<  <   >  >>