للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الخامسة: تعلُّق القتل في قول الله تعالى: {وكأين من نبي قُتل}

قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤٦] في قراءة المبني للمفعول: {قُتل} (١).

• أصل الخلاف في المسألة:

أصل الخلاف في كون النبي يُقتل في الحرب أو لا، ففي قراءة {وكأين من نبي قُتل معه ربيون كثير} ثبت الخلاف؛ هل الذي قُتل هو النبي، فتقرأ: {وكأين من نبي قُتل} وتقف، ثم تبتدئ: {معه ربيون كثير}، أو أن الذي قُتل هم الربيون، فتكون القراءة بالوصل: {وكأين من نبي قُتل معه ربيون كثير} (٢).

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "واختلف المفسرون في معنى هذه الآية؛ هل معناها أن الأنبياء قُتلوا، أم أنهم لم يقتلوا، بل قُتل الربيون الذين كانوا معهم؟

والمعنى الأول أليق بالسياق وبحال المخاطبين.

فذهب جماعة منهم الطبري إلى الأول، ورجحوه بأن القصة في أُحد حين تخاذل الناس عند سماعهم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فضُرب لهم المثل بكثيرٍ من الأنبياء قُتلوا ولم يقدح ذلك في أتباعهم بالنسبة إلى أنهم لم يتغيروا عن دينهم وثبتوا على ما كانوا عليه.

وأيضًا فقد قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى {وما كان لنبي أن يُغَل} (٣): النبي يُقتل فكيف لا يُخان (٤).


(١) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب، ينظر في النشر في القراءات العشر لابن الجزري (٢/ ٢٤٢).
(٢) ينظر في معاني القرآن للنحاس (١/ ٤٨٨) وإيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر الأنباري (٢/ ٥٨٥ – ٥٨٦).
(٣) بضم الياء وفتح الغين؛ أي: يُخان في الغنائم، وهي قراءة جميع القراء سوى ابن كثير وأبي عمرو وعاصم، ينظر في النشر في القراءات العشر لابن الجزري (٢/ ٢٤٣).
(٤) رواه الطبري في تفسيره بنحوه (٦/ ١٩٥)، وهذا استنكار منه رضي الله عنه للقراءة السابقة (بضم الياء وفتح الغين) كما في رواية الطبراني في المعجم الصغير (٢/ ٧٣)، وليس بدليل لهذه المسألة لأن الخلاف عن قتل نبي في الحرب.

<<  <   >  >>