المسألة الخامسة: وجه النصب في قول الله تعالى: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا}
• أصل الخلاف في المسألة:
تعددت أوجه النصب في قوله تعالى:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا}، وكل وجه منها لا يخلو من إشكال، فلأجل ذلك رجَّح كل عالم ما ظهر له أنه أسهل هذه الأقوال واقربها، ولم يتفق أهل العلم على ترجيح أحد هذه الأوجه.
• نص المسألة:
قال السمين الحلبي رحمه الله: "وفي انتصاب {بَاطِلا} خمسة أوجه، أظهرها أنه حالٌ من {هَذَا}؛ أي: ما خلقته في هذه الحال، بل في حال الحقِّ الثابتِ الظاهرِ الحكمةِ والصواب، وحينئذ يكون من الأحوال اللازمة الذِّكر التي لا يستغنى عنها، لئلا يلزم نفي الفعل من الأصل، وليس ذلك مُرادًا قطعًا، وهو كقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ}[الأنبياء: ١٦]، فـ {لَاعِبِينَ} حالٌ لازمة لئلا يلزم نفي الخلق رأسًا …
كونه نعتًا لمصدر محذوف؛ أي: خلْقًا باطلا، وهذا هو الوجه الثاني من انتصاب {بَاطِلا} …
الثالث: انتصابه على المفعول من أجله؛ أي: ما خلقته لأجل الباطل، فإن قيل: شرط المفعول له أن يكون مصدرًا وهذا وصف، فالجواب أن المصدر قد جاء على (فاعل) نحو: العاقبة والعافية.
الرابع: انتصابه على إسقاط الخافض وهو الباء؛ أي: ما خلقته بباطل، بل بحقٍّ وقُدره، ومثل هذا لا ينقاس.
الخامس: أنه مفعولٌ ثانٍ لـ (خلق)، لأنها بمعنى (جعل) المتعدية لاثنين، وهذا غلطٌ من قائله، لأن النحاة نصوا على أن (جعل) متى كانت بمعنى (خلق) تعدَّت لواحد … وكأن قائل هذا يريد التضمين؛ أي إن (خلق) ضُمِّنت معنى (جعل) التي بمعنى (صيَّر) فتعدَّت بتعديها؛