للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

رجَّح السمين الحلبي هنا أن (عَلِم) في قوله {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ} أنها متعدية إلى مفعولين اثنين، وهذا الترجيح يظهر من وجوه:

الأول: التعبير بالظاهر، فقال: (والظاهر أنها المتعدية لاثنين)، والظاهر عنده مقدَّم على غيره.

الثاني: ردُّ القول الآخر، حيث قال: (وهذا ينبغي ألا يجوز).

الثالث: أنه أحال في تفصيل المسألة إلى البحث المذكور في قوله تعالى: {لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}، وهذه الآية ضمن الأجزاء المفقودة في تحقيق كتاب القول الوجيز في الجامعة الإسلامية، ورجعت إلى الدر المصون فوجدته يقرر أن الواجب أن تكون (عَلِم) متعديةً إلى مفعولين (١).

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

قليلٌ من أهل العلم من أشار تعدي الفعل في قوله تعالى {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ}، وهؤلاء القليل ذكروا أن تعدي الفعل إلى مفعول واحد قولٌ محتمل، ولم يمنعوه كما منعه السمين الحلبي، ولم أقف على من رجَّح تعدي العلم إلى مفعولين لأجل العلة التي ذكرها السمين الحلبي؛ لا في هذه الآية ولا في نحوها من الآيات التي يكون فيها فعل (عَلِم) متعلقًا بالله جل وعلا (٢).

ويظهر أن القول الذي ذكره السمين الحلبي لا يختص بهذه الآية فقط، بل يأخذ به في كل آية ذُكر فيها فعل العلم مسندًا إلى الله عز وجل، ولذلك أحال تفصيل المسألة إلى قوله تعالى: {لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}، وقال في الدر المصون عن قوله {اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}: "يجب أن يقال إنها المتعدية إلى اثنين، وأن ثانيهما محذوف" (٣).


(١) ينظر في الدر المصون (٥/ ٦٣٠).
(٢) ينظر في التفسير البسيط للواحدي (٦/ ١٢ - ١٣) وتفسير الراغب (٣/ ٨٧٨)، وتفسير الرازي (٩/ ٣٧٣).
(٣) الدر المصون (٥/ ٦٣٠).

<<  <   >  >>