للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلمة يرجع إلى السكون، مع أن ابن الحاجب ذكر أنه قول الأكثر من أهل العلم (١).

وقد ذكر السمين الحلبي أن إرجاع الكلمة إلى السكون هو قول الفراء ولم أقف عليه في معاني القرآن له، لكن قد حكاه عنه بعض أهل العلم من بعده (٢).

وكذلك ما ذكره عن الأزهري وأبي علي الفارسي أنهما يجعلان أصل الكلمة من (الكِينة) ففيه تنبيه:

أما الأزهري فقد ذكر عند الكلام عن مادة (سكن) أن أصل الكلمة من السكون، ثم في موضع آخر أشار إلى الخلاف ورجَّح أن أصل الكلمة هو من (استكيَن)، ولعل هذا هو الراجح عنده لأنه أشار فيه إلى الخلاف (٣).

وأما الفارسي فقد ذكر في موضعٍ أن أصل الكلمة من (الكون)، وفي موضع آخر جعلها على وزن (استفعل) ولم يفصِّل (٤)، لكن ذكر عنه أهل العلم من بعده أنه جعله من (الكين)، ونسبوا هذا القول إليه وكأنه أول من قال به (٥)، والله أعلم.

[٢) أدلة القول الأول والثاني في المسألة]

يرجع القول الأول والثاني إلى صيغة واحدة وهي (استفعل)، فإن كانت الاستكانة ترجع إلى الكون فإنها تكون من (استكون)، وإن كانت ترجع إلى الكين فهي من (استكيَن)، وقد استدل أهل العلم للقول بأن الاستكانة ترجع إلى هذه الصيغة بأن هذا هو الظاهر من تصريف اللفظ، وهو الأصح في الاشتقاق، لأنه في هذه الحالة يكون المدُّ في (استكان) جارٍ على القياس، مثل المد في (استقام) وأصله الواو في (قَوَم) (٦).


(١) ينظر في الشافية (ص: ٨٩)، ورجَّح هناك أن أصل الكلمة من (استفعل)، وتبعه كثير من أهل اللغة في شرح هذا الكتاب، ينظر في شرح ركن الدين الإستراباذي (٢/ ٧٤٤)، ومجموعة الشافية (٢/ ٢٥٦).
(٢) ينظر في كشف المشكلات لجامع العلوم الباقولي (٢/ ٩٣٢).
(٣) ينظر في تهذيب اللغة (١٠/ ٤١، ٢٠٤)، وذكر أبو عبيد في الغريبين (مادة: سكن): (٣/ ٩١٢) أن الأزهري جعل أصل الكلمة من (السكون)، وتبعه السمين الحلبي على ذلك في عمدة الحفاظ (مادة: سكن): (٢/ ٢٠٩).
(٤) ينظر في الحجة لأبي علي الفارسي (٦/ ٤٤٧)، حيث أشار إلى أن أصل الكلمة من (الكون)، ثم ذُكرت هذه العبارة بعد ذلك: "ولعله رجع عن هذا الوجه"، فالله أعلم، وينظر في المسائل الحلبيات له (ص: ١١٥).
(٥) ينظر في الخصائص لابن جني (٣/ ٣٢٧)، وفي المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (مادة: كين): (٧/ ١١٢).
(٦) ينظر في رسالة الملائكة لأبي العلاء المعري (ص: ٢١٣ - ٢١٥)، والمحرر الوجيز لابن عطية (٤/ ١٥٢)، والبيان لأبي البركات الأنباري (٢/ ١٨٧)، والشافية لابن الحاجب (ص: ٦٢).

<<  <   >  >>