للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{مَعَ الْأَبْرَارِ}؛ أي: في جملة الأبرار (١)، والقليل القليل من المفسرين من وافق السمين الحلبي في أن الصحبة في المكان، فذكروا أن المراد من الآية: واحشرنا مع الأبرار (٢).

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

ذكر السمين الحلبي دليل القول بأن المراد بالصحبة في الآية صحبةُ المكان بأن هذا هو الظاهر، ولعله يشير بهذا إلى سلامة هذا المعنى من الحذف والتقدير، بخلاف القول الآخر، فإنه يلزم منه التقدير.

[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]

أشار السمين الحلبي إلى دليل القول الآخر بأن الصحبة في الآية صحبةُ الحال والوصف، وهو موافقة المعنى لما في الآية الأخرى من قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}، فهذا الدعاء بطلب التوفي على الإسلام واللحاق بالصالحين موافق للدعاء الذي في الآية بطلب التوفي مع الأبرار (٣).

[٤) الموازنة بين الأدلة]

لا يمكن حمل الجملة على ظاهرها بطلب التوفي مع الأبرار "وذلك أن التوفي مع الأبرار محال، لأن بعضًا منهم تقدَّم وبعضًا لم يوجد" (٤)، فلا بد من التجوز إما بفعل التوفي فيكون بمعنى الحشر ونحوه؛ أي: واحشرنا مع الأبرار، وهذا على القول بأن الصحبة في المكان، وإما أن يكون التجوز في الحرف (مع) فيكون بمعنى (في)؛ أي: توفَّنا في جملة الأبرار، أو يكون بمعنى (على)؛ أي: توفنا على أعمال الأبرار (٥)، وهذا على القول بأن الصحبة في الحال والوصف.


(١) ينظر في تفسير الثعلبي (٩/ ٥٦٢)، والتفسير البسيط للواحدي (٦/ ٢٦٢)، والكشاف للزمخشري (١/ ٤٥٥)، والمحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٥٦)، وتفسير الرازي (٩/ ٤٦٧) والقرطبي (٤/ ٣١٧)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٤٧٤)، وبدائع الفوائد لابن القيم (٢/ ٢٠٨)، وتفسير ابن كثير (٢/ ١٨) وأبي السعود (٢/ ١٣٢) والسعدي (ص: ١٦١)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ٢٠٠)، وتفسير آل عمران للعثيمين (٢/ ٥٥٦).
(٢) ينظر في تفسير الطبري (٦/ ٣١٦) والسمرقندي (١/ ٢٧٤) وفتح الرحمن للعليمي (٢/ ٧٥).
(٣) ينظر في تفسير الراغب الأصفهاني (٣/ ١٠٥٠).
(٤) حاشية الطيبي على الكشاف (٤/ ٣٨٨)، وينظر في روح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٧٥)، وحاشية القونوي على تفسير البيضاوي (٦/ ٤٥٦)، وتفسير سورة آل عمران للعثيمين (٢/ ٥٥٦).
(٥) ينظر في فتح البيان لصديق حسن خان (٢/ ٤٠٢).

<<  <   >  >>