للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلام.

وقال الإمام في الإرشاد: «زيادته من حيث ثبوته وتعاوره دائمًا، لأنه عَرَضٌ لا يَثبُت زمانين، فهو للصالحِ متعاقبٌ متوالٍ، وللفاسقِ والغافل غير متوال، فهذا معنى الزيادة والنقص» (١).

وذهب آخرون إلى أنه لا يزيد ولا ينقص، وذلك أنه تصديقٌ قلبي، فإن كان صحيحًا فهو إيمان، وإلا فليس بإيمان، وما ذكر هؤلاء كلها أمورٌ عَرَضيَّة ليست داخلة في مسمى الإيمان الذي هو التصديق القائم بالقلب. وذهب إليه الباقلاني، ويُعزى للشافعي أيضًا، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله، ورجح هذا جماعة من المتكلمين، وتأولوا ما ورد به النص على معنى زيادة الأعمال أو نحوها.

وذهبت المعتزلة إلى أنه يزيد ولا ينقص (٢)؛ قالوا: لأن النص الوارد إنما جاء بالزيادة دون النقص، ويروى هذا عن عبد الله بن المبارك، فارس العلماء العباد (٣) " (٤).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي أن الإيمان يزيد وينقص، ويظهر هذا من وجهين:

الأول: لفظ الترجيح، وذلك في قوله: (وظاهر الآية ونظائرها أن الإيمان يزيد وينقص)، والظاهرُ عنده مقدَّم على غيره من الأقوال.

الثاني: أنه صرَّح بهذا القول في تفسير الآية، بأن القول الذي قالوه زادهم إيمانًا إلى إيمانهم، ثم استظهر أن الإيمان يزيد وينقص، ثم ذكر الخلاف في المسألة، فدل على ترجيحه للقول الذي صرَّح به واستظهره قبل الخلاف، خصوصًا وأن المسألة في الاعتقاد، فما يقدمه قبل ذكر الخلاف فيها هو المعتمد عنده.


(١) ينظر في المحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٤٣)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٤٣٧)، وهو نقلٌ بالمعنى من كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني (ص: ٣٩٩ - ٤٠٠).
(٢) سيأتي تفصيل قولهم وأنهم قد ينفون الأمرين جميعًا.
(٣) سيأتي ذكر ما حكاه عنه أهل العلم، وكذلك ما حكاه أهل العلم عن الإمام الشافعي عليهم رحمة الله.
(٤) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٥٨ - ٢٦١).

<<  <   >  >>