للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

أكثر أهل العلم على أن المراد بقوله {مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا}: ما قُتل بعضنا (١)، وإلى هذا مال أبو حيان ووجَّه ذلك بالعبارة التي نقلها السمين الحلبي عنه بأن هذا من إطلاق اسم الكُل على البعض مجازًا (٢).

ومن المفسرين من أشار إلى احتمال أن يكون المراد بقوله {مَّا قُتِلْنَا}: ما غُلبنا (٣)، ولم أقف على من قال بأن المراد في الآية: ما شارفنا القتل، ويظهر أن هذه طريقة السمين الحلبي في هذه الآية وأمثالها أنه يُورد الاحتمالين المذكورين، ولم أره رجَّح بينهما إلا في هذا الموضع (٤).

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

يمكن أن يستدل للقول الأول بأن المقتول بعضهم هو أن القتل يمتنع أن يقع عليهم جميعًا، فيُسند القتل إلى من وقع عليه منهم، وهو بعضهم، وبهذا يبقى القتل على حقيقته، ويكون التجوُّز في المفعول لا في الفعل (٥).

[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]

يمكن أن يستدل للقول الثاني بأنهم شارفوا القتل وكادوا يُقتلون هو أن القتل يمتنع أن يقع عليهم جميعًا، والقائلون لهذه العبارة {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} إنما يشكون حالهم لا حال غيرهم، ويتكلمون عن مصيبتهم لا عن مصيبة غيرهم، فيُتجوَّز في الفعل بأنهم كادوا يُقتلون ويكون الفعل مسندًا إليهم لا إلى غيرهم، لأنهم لم يرضوا أن يكونوا في المعركة أصلًا، فلا يرضون أن يشاركوا الذين خرجوا في مصيبتهم (٦).


(١) ينظر في تفسير الطبري (٦/ ١٦٧)، وفتح القدير للشوكاني (١/ ٤٤٩)، وفتح البيان لصديق حسن خان (٢/ ٣٥٩)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ١٣٥)، والقول المفيد للعثيمين (٢/ ٣٦٣).
(٢) ينظر في البحر المحيط (٣/ ٣٩٥).
(٣) ينظر في تفسير البيضاوي (٢/ ٤٤)، والسراج المنير للشربيني (١/ ٢٥٧)، وتفسير أبي السعود (٢/ ١٠٢)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٠٩).
(٤) ينظر في العقد النضيد تحقيق ناصر القثامي (ص: ٥٢٧)، والدر المصون (٢/ ٣٠٧)، وعمدة الحفاظ (٣/ ٢٧٢).
(٥) مستفاد مما ذكره السمين الحلبي في العقد النضيد (سورة البقرة) بتحقيق ناصر القثامي (ص: ٥٢٧).
(٦) مستفاد من حاشية القونوي على تفسير البيضاوي (٦/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>