للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]

يستدل للقول بأن قوله {خَاشِعِينَ لِلَّهِ} حالٌ من الضمير المجرور في قوله {إِلَيْهِمْ} أن هذا هو الأسهل من حيث الصناعة، وذلك بأن تتعلق الحال بأقرب المذكورات إليها (١).

[٤) أدلة القول الثالث في المسألة]

يمكن أن يستدل للقول بأن قوله {خَاشِعِينَ لِلَّهِ} حالٌ من الفاعل في قوله {لَا يَشْتَرُونَ} أن هذا أنسب من حيث المعنى، لأن الآية جيء بها لتزكية المؤمنين من أهل الكتاب بأنهم لا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلا، وأنهم على خلاف الكافرين من أهل الكتاب المذكورين في الآيات السابقة في قوله: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ١٨٧] (٢)، وعلى هذا فيكون الخشوع متعلقًا بالمعنى الذي سيقت الآية لأجله وهو أنهم لا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلا.

[٥) أدلة القول الرابع في المسألة]

يستدل للقول بأن قوله {خَاشِعِينَ لِلَّهِ} صفة لـ (مَنْ) في قوله {لَمَن يُؤْمِنُ} أن هذا فيه تعميمٌ لخشوعهم، وإثباتٌ لاتصافهم به على سبيل الدوام، فيكون المعنى: وإن من أهل الكتاب فريقًا خاشعين يؤمنون بالله.

[٦) الموازنة بين الأدلة]

يمكن أن يقال إن القول الأول بتقييد الإيمان بالخشوع أنه أنسب الأحوال من حيث المعنى، وذلك أن إيمانهم الخاشع بالله وإيمانهم الخاشع بالكتب المنزلة هو الذي حملهم على ألا يشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا.

وأما تعلُّق الحال بالضمير في قوله {إِلَيْهِمْ} فهذا الضمير وإن كان هو أقرب المذكورات، لكن العامل في هذه الحالة هو الفعل {أُنزِلَ} الثاني، وهو لا يتناسب مع معنى الخشوع مثل ما يتناسب مع الإيمان، فيكون المعنى أن الكتاب أُنزل إليهم حال كونهم خاشعين، وهذا لا ينطبق على المذكورين في الآية، فإنهم لم يعاصروا تنزيل الكتب السابقة، وإنما هم من أمة محمد


(١) ينظر في حاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي (٣/ ٩٣)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٨٣).
(٢) ينظر في معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١/ ٥٠١).

<<  <   >  >>