المسألة السادسة: معنى الاستجابة لله وللرسول في قول الله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}[آل عمران: ١٧٢]
• أصل الخلاف في المسألة:
قوله تعالى:{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم}[النساء: ٦٩] يدلُّ إطلاقه على أن الطاعة المذكورة فيه طاعتان، كما في قوله تعالى:{يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا}[الأحزاب: ٦٦]، لكن يمكن اعتبارهما طاعة واحدة على مقتضى قوله تعالى:{مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠]، والخلاف في الآية هنا من هذا الجنس، فقوله تعالى:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}؛ هل هو أمرٌ واحد واستجابةٌ واحدة، أو هما أمران واستجابتان؟
• نص المسألة:
قال السمين الحلبي رحمه الله:"ولما كانت إجابة الرسول واجبةً وجوبَها بالنسبة إلى الله تعالى قال: {وَالرَّسُولِ}، كقوله:{مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، والمراد: ما امتثلوا في الخروج إثْرَ العدو في تلك الحال الشاقة بعدما عاينوا تلك الأهوال، وذهاب من ذهب من الآباء والأبناء والإخوان والأصدقاء، وهذه كلها حالات يشقُّ معها الخروج، ومع ذلك أبدوا طاعةَ الله وطاعة رسوله، فخرجوا سِراعًا، وإلى ذلك أشار بقوله:{مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}.
وقيل إن الاستجابتين هنا مختلفتان، فبالنسبة إلى الله تعالى بتوحيده وعبادته، وبالنسبة إلى رسوله بتصديقه وقبول ما جاء به، ونَصرِه والنصيحة له.
وما قدمناه هو الظاهر، ويدل عليه ما ذكرنا من سبب النزول" (١).
(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٤٨ - ٢٤٩).