للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يظهر أن السمين الحلبي يرجِّح أن قوله تعالى: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} أنه من باب التأكيد والإلحاح في الدعاء، على القول بأن بين الدعوتين فرقًا، ويظهر هذا الترجيح من وجهين:

الأول: أنه قدَّم الأقوال في التفريق بين الذنوب والسيئات وبين المغفرة والتكفير ثم تعقبها بإثبات التقارب أو الترادف بين هذه المعاني، وإنما الذي اختلف هو اللفظ في الجملتين.

الثاني: أنه أشار إلى معنى التأكيد والإلحاح في الدعاء في مناسبة الآية فقال: "ثم زادوا في التضرع والخضوع بعد إجابتهم داعي ربهم، فأتوا بنداءٍ رابع سألوا فيه مغفرة الذنوب وتكفير السيئات والتوفي مع الأبرار، وما أحسن ما تلطفوا في هذه السؤالات، وقد ورد: «إن الله يحب الملحين في الدعاء» " (١).

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

جمهور المفسرين على التفريق الجملتين؛ إما بالنظر إلى الفرق بين الغفران والتكفير (٢)، أو بالنظر إلى الفرق بين الذنوب والسيئات، وهو قول أكثرهم (٣).

ولم أقف على قولٍ لابن عباس أو السلف أن الذنوب هي الكبائر والسيئات هي الصغائر.

وقد نُقل عن الضحاك أن الذنوب هي ما عملوه قبل الإسلام، وأن السيئات هي ما عملوه بعد الإسلام (٤).

ومن المفسرين من أثبت التقارب بين الجملتين، وأنهما للتأكيد (٥).


(١) المصدر السابق: القول الوجيز (ص: ٤١٠)، وفي عمدة الحفاظ (٢/ ٤٨) جعل الذنوب تشمل الكبائر والصغائر.
(٢) ينظر في التفسير البسيط للواحدي (٦/ ٢٦١)، والعواصم والقواصم لابن الوزير (٩/ ١٠١)، وفتح الرحمن لزكريا الأنصاري (١/ ١٠٤).
(٣) ينظر في تفسير السمعاني (١/ ٣٨٩)، والكشاف للزمخشري (١/ ٤٥٥)، وتفسير البيضاوي (٢/ ٥٥) والنسفي (١/ ٣٢٢)، ومدارج السالكين لابن القيم (١/ ٣١٧ - ٣١٨)، وتفسير سورة آل عمران للعثيمين (٢/ ٥٥٥).
(٤) ينظر في تفسير السمرقندي (١/ ٢٧٤).
(٥) ينظر في المحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٥٦)، وتفسير القرطبي (٤/ ٣١٧)، وفتح القدير للشوكاني (١/ ٤٧١).

<<  <   >  >>