[المبحث السابع: ترجيحات السمين الحلبي من آية (١٩٦) إلى آخر السورة]
وفيه أربع مسائل:
المسألة الأولى: ما قيل في سبب نزول قول الله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ١٩٦ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}[آل عمران: ١٩٦ - ١٩٧]
• أصل الخلاف في المسألة:
الوصف في الآية من التقلُّب في البلاد والموعظة فيها كأنها تحكي حالًا واقعةً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فهل للآية سبب نزولٍ خاصٍّ بها؟
• نص المسألة:
قال السمين الحلبي رحمه الله:"واختلف الناس في سبب إنزالها:
فعن ابن عباس وغيره: نزلت في أهل مكة؛ كانوا يرحلون الرحلتين شتاءً وصيفًا؛ لليمن والشام، ويجلبون الأمتعة، ويربحون الأرباح الخبيثة، فكأنه وقع في نفس بعض الأمة شيءٌ فنزلت، فهذه الآية مُسليةٌ لذلك الواقع في نفسه، وليس المخاطب بذلك رسول الله.
وعنه أيضًا أنها نزلت في اليهود، وكانت لهم الأموال والبضائع والمغانم يتقلبون فيها، والمؤمنون في قلٍّ من العيش، فنزلت مسلاةً لهم.
وقال الزمخشري وغيره أنه كان ناسٌ من المؤمنين يرون ما فيه الكفار من الخصب والرخاء ولين العيش فيقولون: إن أعداء الله فيما نرى من الخير، وقد هلكنا جوعًا وجهدًا.
وعن قتادة: نزلت في مشركي العرب.
وكلها تمثيلات، والأولى حمل اللفظ على عمومه" (١).
• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:
يرجِّح السمين الحلبي أن ما قيل في سبب نزول الآية أنه من باب التمثيل، وأن اللفظ
(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٤٤٣ - ٤٤٤).