للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إدخالهم الجنة الذي هو فضلٌ منه لا بفضل أحد، … » (١) انتهى. يعني أن دخول الجنة محض فضل الله تعالى لا بعملٍ البتة، …

وذهب غيرهما إلى أنها بدلٌ من الجملة الأولى قبلها؛ قال: فلذلك لم يُدخل عليه واو العطف، وهذا القول يحتجُّ إلى أنها تأكيدٌ للأولى أيضًا، لأنها أفادت إفادتها.

وقيل إنها للتأسيس، وإليه ذهب الشيخ وجعله الظاهر فقال: «والظاهر أن قوله {يَسْتَبْشِرُونَ} ليس تأكيدًا للأول، بل هو استئناف متعلق بهم أنفسهم لا بالذين لم يلحقوا بهم، فقد اختلف متعلَّق الفعلين، فلا تأكيد، لأن هذا المُستبشَر به هو لهم، وهو نعمة الله عليهم وفضله» (٢) انتهى.

ويؤيد هذا الوجه: أنه إذا دار الأمر بين التأكيد والتأسيس، فالتأسيس أولى" (٣).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي القول الثاني، أن الجملة من قوله تعالى {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} أنها للتأسيس وليست للتأكيد، ويظهر هذا الترجيح من وجهين:

الأول: أنه نوَّه بالقاعدة الترجيحية (إذا دار الأمر بين التأكيد والتأسيس، فالتأسيس أولى)، وهي من قواعد الترجيح عنده كما تقدم.

الثاني: أنه حكى عن شيخه أنه جعل هذا القول هو الظاهر ولم يتعقبه، وذلك في قوله: (وإليه ذهب الشيخ وجعله الظاهر). والقول الظاهر عنده مقدَّمٌ على غيره.

ولا يشكل على هذا الترجيح أنه حسَّن قول الزمخشري، فإنما أراد به التحسين من حيث العموم، ولم يفضله على القول الآخر، أو أنه أراد أن يتلطف في التعقيب على قول الزمخشري فقال: (وهو كلام حسنٌ لولا قوله «يجب في عدل الله»).


(١) المحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٤١).
(٢) المحيط لأبي حيان (٣/ ٤٣٤).
(٣) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٣٩ - ٢٤٠).

<<  <   >  >>