للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورُجِّح أيضًا بقوله: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ} [آل عمران: ١٤٤] (١).

وذهب إلى المعنى الثاني الحسن البصري وابن جبير وآخرون؛ قال الحسن وابن جبير: لم يُقتل نبيٌّ في حربٍ قط.

وإنما قالا (في حرب) لأن كثيرًا من الأنبياء قُتل في غير حرب، حتى إن بعضهم نُشر بالمناشير، صلوات الله عليهم.

ويكون معنى الآية حينئذ تسليةً للمؤمنين وتصبيرهم على موت مَنْ قُتل منهم في أُحد؛ أي إن مَنْ قبلكم قُتل كبراؤهم ورؤساؤهم وعلماؤهم فما غيَّرهم ذلك عن دينهم ولم يضعفهم" (٢).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي القول بأن القتل يتعلق بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وذلك من وجهين:

الأول: عبارة الترجيح: وذلك في قوله: (والمعنى الأول أليق بالسياق وبحال المخاطبين).

الثاني: أنه ذكر أدلة هذا القول وما يعضده من الآية الأخرى وقول ابن عباس، وأما القول الآخر فاكتفى فيه بذكر القول وتوجيهه، ولم يبحث في أدلته وما يعضده (٣).

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

ذهب جماعةٌ من المفسرين إلى أن القتل في الآية متعلق بالأنبياء، سواء عند الكلام عند نائب الفاعل لقوله {قُتِل} أو عند الكلام عن المُصاب في الآية عند قوله {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أن الذي أصابهم هو مقتل نبيهم، وسواء كان القتل في الآية


(١) ينظر في معاني القرآن للأخفش (١/ ٢٣٥)، والتفسير البسيط للواحدي (٦/ ٥٣)، والمحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٢٠)، أو أن الذين يستدلون بهذه الآية إنما يستدلون على القراءة {وكأين من نبي قُتل} بعد ذكرهم لمعناها، وأنها ليست {قاتل}، لأن الآية قبلها في الموت والقتل وليست في المقاتلة؛ ينظر في المكتفى لأبي عمرو الداني (ص: ٤٦).
(٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٣٧٣ - ٣٧٤).
(٣) وكذلك فعل في الدر المصون (٣/ ٤٢٨ – ٤٢٩) فذكر أن القول الأول تؤيده الآية، وتعقب القول الثاني.

<<  <   >  >>