للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن أبي طالب كما ذكر السمين الحلبي (١).

والذي يظهر أن الذي ألجأهم إلى التفصيل هو الإشكال المذكور في بقية الآية من قوله: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْما}، فكيف يكون المقصود زيادة إثمهم؟ فذكروا أن إملائه تعالى لهم لأجل أن يزدادوا في الإثم لم يكن إلا لأنهم قومٌ سبق في علمه أنهم لا يؤمنون (٢).

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

استدل السمين الحلبي على القول بأن الآية يراد بها العموم في كل كافر أن هذا هو الظاهر من الآية؛ إذ جاء ذكر {الَّذِينَ كَفَرُواْ} ولم يقيد بصفة معينة يستفاد منها إرادة طائفة مخصوصة، فالآية في الرد على كل كافر يحسب أن الله يمليه لأجل خيرٍ فيه.

[٣) أدلة الأقوال الأخرى في المسألة]

يمكن أن يستدل للأقوال الأخرى في المسألة بأمرين:

الأول: ما ذُكر عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من أن الآية نزلت في أقوامٍ معينين (٣).

الثاني: السياق، وذلك من وجهين:

أولهما: ما سبق من الأدلة في المسألة السابقة في القول بأن الآية السابقة نزلت في المنافقين أو اليهود أو المشركين، فيُستدل بالسياق هنا على أن هذه الآية تتمة للآيات السابقة، وأن السياق لا زال في القوم أنفسهم.

ثانيهما: الاستشهاد بالمناسبة مع السياق، كالقول بأن مناسبة الآية في هذا السياق أنها جاءت في الرد على المنافقين المتخلفين عن غزوة أُحد؛ ألا يحسبوا أن قعودهم وبقاءهم سالمين خيرٌ لهم من القتال، أو أنها جاءت في الرد على مشركي مكة بألا يحسبوا أن بقاءهم بعد الذي أصابوه يوم أُحد خيرًا لهم، وإنما ليزدادوا عقوبة (٤).

[٤) الموازنة بين الأدلة]

القول بأن الآية مخصوصة في قومٍ أعلم الله نبيه أنهم لا يؤمنون لا يستقيم، فإنه يلزم منه أن


(١) نقل الواحدي في التفسير البسيط (٦/ ٢٠٢) قول أبي بكر الأنباري، وتقدَّم العزو إلى مكي بن أبي طالب.
(٢) ينظر في الكشاف للزمخشري (١/ ٤٤٤)، وتفسير الرازي (٩/ ٤٤٠).
(٣) تقدَّم العزو إلى من ذكر ذلك، وأنه لم يثبت مسندًا.
(٤) ينظر في تفسير السمرقندي (١/ ٢٦٧)، وتفسير الرازي (٩/ ٤٣٨ - ٤٣٩).

<<  <   >  >>