للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الرابعة: مكان نزول الأمنة]

قال الله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: ١٥٤]

• أصل الخلاف في المسألة:

الخلاف حول الروايات في الآية، فإن الروايات ظهر منها الاختلاف في تحديد المكان الذي نزلت في الأمنة المذكورة في الآية بما يُفهم منه التعارض، فكيف يُجاب عن هذا الأشكال؟

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "واختلفوا في المكان الذي نزلت فيه الأمنة، فثبت في البخاري أن أبا طلحة قال: «غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أُحد، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه» (١)، وفي رواية أخرى: «ورفعت رأسي فجعلت ما أرى أحدًا من القوم إلا وهو يميل تحت حجفته» (٢)، فهذا يدل على أنه كان ذلك في حين المحاربة بأُحد.

وعن الزبير: «لقد رأيتُني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اشتد بنا الخوف، فأرسل الله علينا النوم، وإني لأسمع قول مُعتِّب بن قُشير والنعاس يغشاني: (لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا)» (٣).

وقال الجمهور (٤): إن ذلك حين أرتحل أبو سفيان ومن معه من المشركين من موطن


(١) رواه البخاري في صحيحه (٦/ ٣٨/ ٤٥٦٢).
(٢) رواها الترمذي في الجامع (٥/ ٢٢٩/ ٣٠٠٧) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٣) رواها الطبري في تفسيره (٦/ ١٦٨)، وابن المنذر في تفسيره (٢/ ٤٥٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٧٩٥).
(٤) حكاه أبو حيان وسيأتي، ولم أهتدِ إلى تعيين الجمهور، ولعلهم علماء السيرة، وعباراتهم ليست صريحة في هذا القول.

<<  <   >  >>